للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأول مرة بدأ موتسارت الذي كان إلى الآن يعزف على الهاربسيكورد يقدر إمكانيات الآلة الجديدة، وما أن بلغ باريس حتى كان قد تم انتقاله إلى البيانو. وفي حفلة موسيقية في أوجزبورج عزف على البيانو والفيولينة فظفر بتصفيق شديد وربح ضئيل.

وفي ٢٦ أكتوبر مضت الأم وابنها إلى مانهايم. هناك استمتع موتسارت بالصحبة والتشجيع من موسيقيين بارعين، ولكن الأمير الناخب كارل تيودور لم يستطيع أن يجد له وظيفة، واكتفى بأن أثابه على أدائه في البلاط بساعة ذهبية لا أكثر. وكتب موتسارت إلى أبيه يقول "كان أصلح لي أن ينفحني بعشرة كارواينات … إن النقود هي ما يحتاج إليه المرء وهو في رحلة، وأعلم أنني الآن املك خمس ساعات … وأنا أفكر جدياً في عمل جيب للساعات في كل سروال من سراويلي، وحين أزور شريفاً كبيراً سألبس ساعتين … حتى لا يخطر له أن ينفحني بساعة (٢٠) ". ونصحه ليوبولد أن يبادر بالرحيل إلى باريس حيث يتلقى المساعدة من جريم ومدام دبينيه، وكلن فولفجانج اقنع أمه بأن الرحلة أشق من أن تطيقها في شهور الشتاء. وإذا افترض ليوبولد أنهما راحلان عما قليل إلى باريس، فقد حذر فولفجانج من نسائها وموسيقييها، وذكره بأنه الآن الأمل المرجو في إعالة الأسرة. وقال ليوبولد إنه استدان سبعمائة جولدن، وإنه يعطي دروساً خصوصية في شيخوخته.

"وهذا أيضاً في بلدة يبخس فيها أجر هذا العمل المرهق … إن مستقبلنا رهن بفطنتك الكبيرة … وأنا عليم بأنك تحبني، لا بوصفي أباك فحسب، بل أصدق أصدقائك وأوفاهم، وأنك تفهم وتقد أن سعادتنا وشقاءنا، وأكثر من ذلك طول أجلي أو التعجيل بموتي، كلها … في يديك أنت بعد الله. وإذا كنت قد أصبت في قراءة أفكارك، فإني لا أتوقع منك غير الفرح والاغتباط، وهذا وحده خليق أن يعزيني وأنا محروم لغيابك من بهجة الأب وأما أسمعك وأبصرك وأضمك بين ذراعي .. من صميم قلبي أمنحك بركتي الأبوية (٢١) ".