وتوجه ثلاث مرات إلى مسكن رئيس الأساقفة لفيينا ليقدم استقالته الرسمية. ورفض حاجب كولليوريدو أن ينقلها لسيده، وفي المرة الثالثة "ألقى بموتسارت خارج حجرة الانتظار وأردف ذلك بركلة في ظهره"-وهي العبارة التي وصف بها موتسارت المشهد في خطابه المؤرخ ٩ يونيو (٣٣). ولكي يرضى أباه أنتقل من بيت فيير إلى مسكن آخر. وأكد لليوبولد أنه إنما كان "يمزح" فقط مع كونستانتسي. "ولو كان على أن أتزوج كل من ضحكت معهن لكان لدي على الأقل مائة زوجة (٣٤) ". على أنه كتب لأبيه في ١٥ ديسمبر يقول إن كونستانتسي غاية في اللطف والسذاجة وحب البيت، وهو لذلك يريد أن يتزوجها".
"أترعبك الفكرة؟ ولكني أتوسل إليك يا أعز أب وأحبه أن تصغي إلي … إن صوت الطبيعة يتكلم في باطني عالياً كما في غيري-بل ربما أعلى مما يتكلم في رجل ضخم قوي غليظ. إنني ببساطة لا أستطيع أن أعيش كما يعيش معظم الشباب في هذه الأيام. أولاً لأنني متدين جداً، وثانياً لأنني أشد حباً للجار، وأرفع إحساساً بالشرف من أن أغوي فتاة بريئة، وثالثاً لأن بي من الرعب والتقزز، ومن رهبة الأمراض والخوف منها، ومن الرعاية لصحتي، ما يعصمني من العبث مع النسوة الفاجرات. وفي وسعي أن أقسم أنه لم يكن لي قط علاقات من هذا النوع مع أي امرأة … وأراهن بحياتي على صدق ما قلته لك …
"ولكن من هي موضوع حبي؟ .. أليست إحدى بنات فيبر؟ بلى .. إنها كونسانتسي … أرقهن كلهن وأذكاهن وأفضلهن جميعاً … قل لي هل في استطاعتي أن أتمنى لنفسي زوجة خيراً منها .. قصارى ما أطمع فيه أن يكون لي دخل مضمون صغير (وهذا رجائي الوطيد بحمد الله)، وعندها لن أكف عن رجائك بأن تسمح لي أن أنقذ هذه الفتاة المسكينة وأن أحقق لي-ولنا جميعاً إن جاز لي القول-السعادة الكاملة. فلا أشك في أن سعادتي تسعدك؟ وستحظى بنصف دخلي الثابت … أرجوك أن تشفق على ولدك! (٣٥) "