واحتاجت كونستانتسي، التي كانت حاملاً مرة أخرى، إلى الأطباء والعقاقير وإلى رحلة غالية للاستشفاء بمياه بادن-باي-فيين. وفزع موتسارت إلى بوشبرج مرة أخرى:
"يا إلهي العظيم! لست أتمنى لأعدى أعدائي أن يكون في موقفي الراهن. إنكَ لو تخليت عني يا أعز صديق وأخ (ماسوني) لقضي علينا قضاء مبرماً-نفسي التعسة البريئة وزوجتي المريضة المسكينة وأطفالي … فكل شيء رهن … بموافقتك على إقراضي خمسمائة جولدن أخرى، وإلى أن تسوى أموري أتعهد بأن أرد لك عشرة جولدنات كل شهر، ثم أسدد لك المبلغ كله. يا إلهي! لا أكاد أقوى على حمل نفسي على إرسال هذا الخطاب، ومع ذلك فلابد مما ليس منه بد! اغفر لي بالله، فقط اغفر لي! (٩٠) ".
وأرسل له بوشبرج ١٥٠ جولدناً أنفق أكثرها في سداد فواتير كونستانتسي في بادن. وفي ١٦ نوفمبر، ولدت في بيتهم بنتاً ماتت في اليوم نفسه. وأعانه يوزف الثاني بأن كلفه هو وبونتي بكتابة، "مسرحية هازلة" عن موضوع قديم (استخدمه ماريفو في لعبة الحي والحظ ١٧٣٠): خلاصتها إن رجلين يتنكران لاختبار وفاء خطيبتيهما فيجدان فيهما ليناً ورخاوة، ولكنهما يغفران لهما على أساس أن كل النساء هكذا " Cosi Fan Tutte" ومن هنا اسم الأوبرا "هكذا يفعلن جميعاً". ولم يكن الموضوع بالذي يتفق ومزاج موتسارت المأساوي آنئذ (إذا استثنينا قليلاً من العبث بدر من كونستانتسي في بادن)، ولكنه قدم للنص البارع الظريف موسيقى هي التجسيد الكامل للبراعة والظرف، وندر أن مجد هراء بمثل ما مجد به هذا الهراء. وقد لقي عرض الأوبرا الأول في ٢٦ يناير ١٧٩٠ نجاحاً لا بأس به، وأعيد العرض أربعة مرات في شهر واحد، وكانت الحصيلة مائة دوقاتية لموتسارت. ثم مات يوزف الثاني (٢٠ فبراير)، وأغلقت مسارح فيينا أبوابها حتى ١٢ إبريل.
وراود موتسارت الأمل في أن يجد له الإمبراطور الجديد عملاً، ولكن