وفنادق صاخبة أثناء رحلته مع زوجته إلى براغ. وغنيت الأوبرا في ٦ سبتمبر دون أن تحظى إلا باستحسان وسط. وكانت الدموع تترقرق في عيني موتسارت وهو يغادر المدينة الوحيدة التي ناصرته من قبل، ويدرك أن الإمبراطور شهد فشله. ولم يكن له من عزاء إلا أجر المائتي دوقاتية، والنبأ اللاحق بأن إعادة عرض الأوبرا في براغ ٣٠ سبتمبر لقي كل النجاح.
في ذلك اليوم قاد من البيانو أول عرض للناي السحري. والقصة كانت في بعضها من قصص الجان، وفي بعضها تمجيداً لشعائر الدخول في الماسونية. وأفرغ موتسارت خير فنه في تأليف موسيقاها وإن اتبع معظم الألحان لخط ميلودي بسيط يناسب جمهوره المؤلف من الطبقة الوسطى. وقد أغدق فيضاً من الزوقات (الكولوراتورا) على "ملكة الليل"، ولكنه كان بينه وبين نفسه يسخر من غناء الكواوراتورا ويشبهه بـ"الشرائط المقطعة"(٩٧). ومارس الكهنة الذي يفتتح الفصل الثاني موسيقى ماسونية، ولحن كبير الكهنة " In Diesen Leiligen Hallen" " في هذه القاعات المقدسة لا نعرف شيئاً عن الانتقام، ومحبة الداخلين في الإيمان لإخوانهم من البشر هو المبدأ الهادي"-هذا اللحن هو زعم الماسونية بأنها ردت أخوة البشر التي تبشر بها المسيحية من قبل. (قارن جوته بين الناي السحري والجزء الثاني من فاوست، الذي بشر هو أيضاً بالأخوة، وإذ كان هو نفسه ماسونياً فقد قال عن الأوبرا إن لها "معنى أسمى لن يغيب عن أعضاء الجماعة" (٩٨). ولقي العرض الأول نجاحاً قلقاً، وصدم النقاد ذلك المزج بين الفوجة والمرح (٩٩)، على أن الناي السحري ما لبث أن أصبح أحب أوبرات موتسارت إلى الناس، وأحب الأوبرات قبل فاجنر وفردي. وقد أعيد أداؤه مائة مرة خلال أربعة عشر شهراً من العرض الأول.
وجاء هذا النصر الأخير وموتسارت يشعر بيد الموت تمسه. وكأن القدر أراد أن يؤكد سخريته، إذ تلقى الآن من جماعة من نبلاء المجريين تعهداً باشتراك سنوي قدره ألف فلورين، ثم عرض عليه ناشر أمستردامي مبلغاً أكبر حتى من نظير اختصاصه بحق طبع بعض أعماله. ثم تلقى في سبتمبر دعوة إلى لندن من بونتي، فرد عليه قائلاً "كان بودي أن اتبع نصيحتك، ولكن كيف أستطيع؟ … إن حالتي تنبئني بأن ساعتي قد