كتاب قصة الحضارة

فاصل روسي - ٦ - بطرس الثالث - ج: 41 - ص: 53

فصفح عن أعدائه، واستبقى معظم وزراء اليزابث، وحاول أن يتلطف مع كاترين. فخصص لها في القصر جناحاً مريحاً في طرف منه، وسكن هو جناحاً في الطرف الآخر. وخصص لخليلته الغرف الوسطى، وكان هذا بالطبع إهانة بالغة، ولكن كاترين ابتهجت في دخيلة نفسها بسكناها على مبعدة منه. وزودها بمخصصات سخية، ودفع ديونها الباهظة دون تحقيق في أصلها. (٦٥) وفي الحفلات الرسمية كان يسوي بينها وبينه في المكان وأحياناً يقدمها على نفسه. (٦٦)

ثم أعاد من المنفى الرجال والنساء الذين نفاهم الحكام السابقون إلى سيبيريا فعاد الآن مونيش وقد بلغ الثانية والثمانين ليرحب به اثنان وثلاثون حفيداً، ورده بطرس إلى رتبة المشير، وأقسم مونيش ليخدمنه إلى النهاية، وقد بر بقسمه. وأحل الإمبراطور السعيد النبلاء من الالتزام الذي فرضه عليهم بطرس الأكبر، وهو أن يعطوا الدولة سنين كثيرة في حياتهم، فاقترحوا أن يصنعوا له تمثالاً من الذهب، ولكنه أمرهم أن يستعملوا هذا الذهب استعمالاً أرشد. (٦٧) وألغى مرسوم أصدره بطرس في ٢١ فبراير بالشرطة السرية التي أبغضها الناس جميعاً، وحرم الاعتقال للتهم السياسية حتى يراجعها مجلس الشيوخ ويقرها. وفي ٢٥ يونيو أصدر بطرس مرسوماً بأن يعفى مقترف الزنا من التعنيف الرسمي منذ الآن، "فحتى المسيح لم يدن (الزانية) في ذلك الأمر". (٦٨) وابتهجت الحاشية، وسر التجار لتخفيض رسوم التصدير، وخفض ثمن الملح، وأبطل شراء الأقنان لتشغيلهم في المصانع أما "قدامى المؤمنين" الذين هربوا من روسيا اتقاء اضطهادهم في عهد اليزابث فقد دعوا للعودة والتمتع بالحرية الدينية. ولكن رجال الدين أثارت سخطهم الشديد مراسيم ١٦ فبراير و٢١ مارس التي أممت جميع أراضي الكنيسة وجعلت جميع القساوسة الأثوذكس موظفين حكوميين ذوي رواتب. وحرر الأقنان العاملون على ضياع النبلاء أن يحرروا هم أيضاً-سريعاً. ووسط هذه الإصلاحات كلها-التي أشار بها عليه مختلف الوزراء-راح بطرس يشرب حتى يثمل.