"إن الطموح لم يطفئ في روح كاترين تذوقاً حاراً للذة، ولكنها كانت تعرف كيف تنبذ اللذة، وتنتقل إلى الاضطلاع بأكثر الواجبات خطراً، وإلى الممارسة التي لا تكل لشئون الحكم. فتحضر جميع مداولات المجلس، وتقرأ رسائل سفرائها، وتملي، أو تشير … بالردود التي لا يرد بها. ولا تكل لوزرائها سوى تفاصيل العمل، ولا تفتأ تراقب تنفيذه"(٤٧).
واستحالت أو كادت مهمة حكم رقعة ملكها الشاسعة لكثرة القوانين الموجودة (عشرة آلاف). وتنوعها، وتناقضاتها، وفوضاها. وإذ راودها الأمل في أن تؤدي لروسيا ما أداه من قبل جستنيان للدولة الرومانية، وفي أن تدعم سلطتها، فإنها دعت إلى موسكو في ١٤ ديسمبر ١٧٦٦ موظفين إداريين وخبراء قانونيين من كل ركن من أركان الإمبراطورية، ليقوموا بمراجعة دقيقة شاملة وجمع وتنسيق للقانون الروسي. واستعداداً لمجيئهم أعدت بشخصها تعليمات " Nakaz" تصف المبادئ التي ينبغي أن يشكل على أساسها القانون الجديد. وقد عكست هذه المبادئ قرائتها لمونتسكيو وبكاريا وبلاكستون وفولتير. واستهلت تعليماتها بالتصريح بأنه يتعين التفكير في روسيا على أنها دولة أوربية، ينبغي أن يكون لها دستور قائم على "مبادئ أوربية". وليس معنى هذا في مفهومها "حكومة دستورية" تخضع الملك لهيئة تشريعية يختارها الشعب، فمستوى التعليم في روسيا لن يسمح حتى بحق انتخاب محدود كالموجود آنئذ في بريطانيا. إنما يعني حكومة يحكم فيها الحاكم طبقاً للقانون، وإن كان هو ف نهاية الأمر المصدر الوحيد للقانون. وقد أيدت كاترين النظام الإقطاعي-أعني نظام الولاء والخدمات المتبادلة بين الفلاح والمقطع (التابع) وبين المقطع والسيد الإقطاعي، وبين السيد والملك-باعتباره نظاماً لا غنى عنه للاستقرار القتصادي والسياسي والحربي في روسيا عام ١٧٦٦ (وهي بلد الجماعات التي لا تكاد تنعزل بعضها عن بعض، وعن مركز الحكومة، نتيجة لصعوبات الانتقال والنقل)، ولكنها ألحت على ضرورة تعريف وتحديد حقوق السادة على أقنانهم قانوناً، وعلى السماح للأقنان بتمالك الأملاك، وعلى نقل محاكمة الأقنان وعقابهم من السيد الإقطاعي إلى قاضي عمومي يسأل محكمة إقليمية مسئولة أمام الملك (٤٨). وينبغي أن تكون جميع المحاكمات