حتى النقض، فاستعملت أسرة بوتوكي الفيتو المرة بعد المرة للاحتفاظ بهذا الحق، وأخيراً يئس أوغسطس وأخلد إلى الدعة في درسدن، ولم يزر بولندة إلا لماماً. واستمر الفساد واستشرى، وشارك الملك فيه إذا ألفى نفسه عاجزاً عن وقفه، وباع المناصب لمن يدفع فيها أغلى الأثمان. وهيمن الأقطاب على المحاكم والقوات المسلحة، وتفاوضوا رأساً من الدول الأجنبية وتلقوا منها الإعانات المالية (١٥). وناورت فرنسا والنمسا وبروسيا وروسيا لترى أيها يستطيع الظفر بنصيب الأسد من انحلال دولة بولندة الوشيك.
وقبل موت أوغسطس الثالث (٥ أكتوبر ١٧٦٣) وبعده تذرعت المنافسة على تعيين خلفه والتسلط عليه بكل حيلة دبلوماسية حتى وصلت إلى شفا الحرب. فطالب آل بوتوكي بجيش دائم عدته ١٠٠. ٠٠٠ مقاتل ليحمي بولندة من السيطرة الأجنبية، أما آل تشارتوريسكي فقد راضوا أنفسهم على أن تكون بولندة محمية روسية، وتفاوضوا مع كاترين الثانية. وادعت روسيا لنفسها الحق في حماية الأقلية الرومية الأرثوذكسية في بولندة، ومدت ذاكرتها إلى الماضي البعيد لتتذكر أن أقاليم بولندة الشرقية انتزعها من روسيا سانت فلاديمير (٩٥٦ - ١٠١٥) قبل ثمانمائة سنة. أما فرنسا فقد ناصرت ابن أوغسطس الثالث خلفاً له، فلو أن روسيا سيطرت على بولندة لأنهار صرح السياسة الخارجية الفرنسية كله في الشرق. وأما فردريك الأكبر الذي كان قد اختتم لتوه سبع سنين من الحرب الطاحنة مع فرنسا والنمسا، فقد كان في حاجة إلى صداقة كاترين التي نجا من الكارثة بإذنها، ووافق على أن يؤيد مرشحها للتاج البولندي، ثم أبرم معها (١١ أبريل ١٧٦٤) معاهدة تلزم الطرفين سراً بمعارضة أي تغييرات في دستور بولندة أو السويد، مخافة أن تقضي أي زيادة ف سلطة الملك إلى جعل أحد هذين القطرين أو كليهما قوياً إلى حد خطر؛ وهكذا اعتزما الدفاع عن الفوضى باسم الحرية. وهدأت كاترين مخاوف آل تشارتوريسكي بوعدها باختزال حق النقض المطلق بعد أن تستقر الأمور في نصابها، وباختيارها محسوباً من هذه الأسرة مرشحاً للعرش. وفي ٧ سبتمبر ١٧٦٤، وباختيارها محسوباً من هذه الأسرة مرشحاً للعرش. وفي ٧ سبتمبر ١٧٦٤، وبإجماع آراء "ديت" أقنعته الروبلات،