للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنحت الهبات من جديد لجامعتي كراكاو وفلنو وبعث فيهما النشاط، وأسست الدولة كليات لتخريج المعلمين ومولتها. وكان يونياتوفسكي يحب أن يحيط نفسه بالشعراء والصحفيين والفلاسفة. كتب كوكس يقول "إن الملك يولم كل خميس للأدباء المشهورين بعلمهم وقدراتهم، وجلالته يترأس بنفسه المائدة" (٤٣). ويقود النقاش في الكتب والأفكار. وقد استضاف ثلاثة مؤلفين ليعيشوا معاً، ورفع دخل مؤلفين آخرين في صمت (٤٤). وكان آلاف البولنديين، مع تقديمهم فروض الإجلال للكنيسة-يقرءون لوك ومونتسكيو وفولتير وديدرو ودالامبير وروسو. وهكذا أرسيت أسس التنوير البولندي أو الستانسلافي.

وقد اجتذب يسوعي يدعى آدم ناروشفتش أذن الملك بشعره؛ فرقي أسقفاً، ولكنه واصل نظم الشعر العاطفي للطبيعة، وما زال "ترنيمته للشمس" و "فصوله الأربعة" تحبب فيه من يستطيعون قراءته في الأصل. وقد استعملت "قصائده الهجاءة" ألفاظاً شعبية رابيلية الطابع أحياناً أو نابية. وطلب إليه ستانسلاس أن يكتب تاريخاً لبولندة يجمع بين السهولة والعمق. فأنفق الشاعر في هذا العمل تسع سنين، وأخرج في ستة مجلدات (١٧٨٠ - ٨٦) أثراً يمتاز بتوثيقه الدقيق. ولكن حماسته فترت بعد التقسيم الثاني، وأصيب بالاكتئاب، ولم يعمر أكثر من سنة بعد التقسيم الأخير (٤٥).

أما أبرز كتاب العهد البولنديين فهو اجناتسي كراسيكي. وقد اكتسب في رحلاته صداقة فولتير وديدرو (٤٦) وأصبح قسيساً، ثم رئيساً للأساقفة آخر الأمر، ولكن ستانسلاس حثه على إطلاق العنان لمواهبه الشعرية. فكتب ملحمة هازلة سماها "ملحمة الفيران، انتقد فيها نقداً لاذعاً حروب جيله وصورها معارك بين الجرذان والفيران. وفي قصيدته "هوس الرهبنة" (١٧٧٨) هزأ بالخصومات الديرية وأسلحتها الفتاكة هي الكتب اللاهوتية. ثم اتجه إلى النثر، فروى في "مغامرات السيد نيقولا المكتشف" (١٧٧٦) كيف اكتشفت نبيل بولندي شاب، مزود بكل حصيلة العصر وعواطفه، تحطمت به السفينة على جزيرة غربية، إن الرجال والنساء يمكن أن يكونوا