للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت أهم هذه الإمارات سكسونيا. وقد دالت دولة فنها ومجدها يوم تحالف أميرها الناخب فردريك أوغسطس الثاني مع ماريا تريزا ضد فردريك الأكبر، فقصف الملك القاسي درسدن ودمرها عام ١٧٦٠ وفر الناخب إلى بولندة بصفته ملكها أوغسطس الثالث، ثم مات في ١٧٦٣. وورث حفيده فردريك أوغسطس الثالث الإمارة الناخبة وهو في الثالثة عشرة، واكتسب لقب (العادل)، وحول سكسونيا إلى مملكة (١٨٠٦)، واحتفظ طوال تقلبات كثيرة بعرشه إلى أن مات (١٨٢٧).

ويدخل كارل أويجن، دوق فورتمبرج، قصتنا في المقام الأول باعتباره صديقاً ثم عدواً لشيلر. وقد فرض الضرائب على رعاياه ببراعة لا ينضب معينها، وباع عشرة آلاف من جنوده لفرنسا، واحتفظ ببلاط كان في رأي كازانوفا "ألمع بلاط في أوربا" (٣٩)، حوى مسرحاً فرنسياً، وأوبرا إيطالية، وسلسلة من المحظيات. ويعيننا أكثر منه في قصتنا كارل أوجسط، دوق ساكسي-فايمار الحاكم من ١٧٧٥ إلى ١٨٢٨؛ ولكننا سنراه في مظهر أكثر بهاء وهو محاط بنجوم أناورا سماء ملكه-فيلاند، وهردر، وجوته، وشيلر. وكان واحداً من فريق "المستبدين المستنيرين" الصغار الذين ساهموا في هذا العصر في نهضة ألمانيا حين شعروا بتأثير فولتير وبالمثال الذي ضربه فردريك. ونهج نهج هؤلاء رؤساء الأساقفة الذين حكموا مونستر وكولون وتريير وماينز وفورتزبورج-بامبرج باستكثارهم من المدارس والمستشفيات، وحدهم من إسراف البلاط، وتخفيفهم من الفوارق الطبقية، وإصلاحهم السجون، وتقديمهم الإعانات للفقراء، وتحسينهم أحوال الصناعة والتجارة. كتب أدموند بيرك يقول "ليس من السهل أن نجد أو نتصور حكومات أكثر اعتدالاً وتسامحاً من هذه الإمارات الكنسية" (٤٠).

على أن الفوارق الطبقية كانت تؤكد في أكثر الدول الألمانية باعتبارها جزءاً من أسلوب الضبط الاجتماعي. فكان النبلاء والاكليروس وضباط الجيش وأرباب المهن والتجار والفلاحون يؤلفون طبقات منفصلة؛ وداخل كل فئة من هؤلاء درجات ومراتب صلبت كل منها ذاتها باحتقار المرتبة