من حولها صالوناً من الأصدقاء المثقفين، كان ليسنج يحتل مكان الصادرة منهم. فلما رحل زوجها إلى البندقية في ١٧٩٩ قال لليسنج، "إني أترك أسرتي وديعة بين يديك". ولم يكن هذا بالترتيب الحكيم، لأن الكاتب المسرحي لم يكن له ما يملكه إلا العبقرية، وكان مديناً بألف طالر. وفي أكتوبر من ذلك العام قبل دعوة من الأمير كارل فلهلم فريناند حاكم برنزويك ليضطلع بأمانة مكتبة الدوقية في فولفنيوتل، التي تقلص سكانها إلى ستة آلاف نسمة منذ أن نقل دوقها الحاكم مقره إلى برنزويك (١٧٥٣) على سبعة أميال منها، ولكن مجموعة كتبها ومخطوطاتها كانت في رأي كازانوفا "ثالث أعظم مكتبة في العالم"(٧٤) واتفق على أن ينقذ ليسنج ستمائة طالر في العالم ويخصص له مساعدان وخادم، ويعطي سكناً مجانياً في قصر الدوق القديم؛ وفي مايو ١٧٧٠ استقر في بيته الجديد.
غير أنه لم يكن أمين مكتبة ناجحاً، ومع ذلك فقد أبهج رئيسه باكتشافه بين المخطوطات بحثاً مشهوراً مفقوداً بقلم بيرنجار الثوري (٩٩٨ - ١٠٨٨) يتشكك فيه في عقيدة استحالة خبز القربان وخمرة إلى جسد المسيح ودمه. وقد افتقد في حياته القاعدة، التي عاشها الآن، الكفاح والحافز اللذين وجدهما في همبورج وبرلين. ثم أن انكبابه على قراءة المخطوط الرديئة في الضوء الضعيف أضر عينيه وأصابه بنوبات من الصداع، وبدأت صحته تتداعى. فعزى نفسه بكتابة مسرحية جديدة سماها"إميليا جالوتي" أفصحت عن الضيق بامتيازات الطبقة الأرستقراطية وأخلاقها. فإميليا هذه ابنة جمهوري متحمس، يشتهيها سيدهما أمير جواستاللا فيقتل خطيبها بأمره، ثم يخطفها إلى قصره؛ فيعثر عليها أبوها، ويطعنها طعنات مميتة استجابة لإلحاحها، ثم يستسلم لبلاط الأمير ويحكم عليه بالإعدام، بينما الأمير سادر في غيه لا يختلج إلا لحظة. وحرارة المسيحية وبلاغتها أنقذتا خاتمتها، فأصبحت مأساة محببة على خشبة المسرح الألماني، وقد أرخ جوته بعرضها الأول (١٧٧٢) بعث الأدب الألماني من رقدته. ورحب بعض النقاد بليسنج شكسبيراً ألمانياً.
وفي أبريل ١٧٧٥ ذهب ليسنج إلى إيطاليا مرافقاً لليويولد أمير برنزويك، وقضى ثمانية أشهر يستمتع بالحياة في ميلان والبندقية وبولونيا ومودينا