يقودهم بكفاية كرستيان كانا بيش معلماً وقائداً وعازفاً منفرداً على الكمان. وقد أثر عن اللورد فوردابس قوله أن ألمانيا تبر سائر الأمم لسببين: الجيش البروسي وأوركسترا مانهايم. ويليه شهرة أوركسترا جيفاندهاوس بلييزج. وكانت الحفلات الموسيقية عملاقة تحوي ثلاثة أو أربعة أو أحياناًستة كونشرتوات في برنامج واحد. والقوم يحيونها في كل مكان-في المسارح والكنائس والجامعات والقصور والحانات والمتنزهات. ونافست السمفونية الآن الكونشرتو في الربرتوار الأوركسترالي، وما وافت سنة ١٧٧٠ - حتى قبل مجيء هايدن-حتى حظيت السمفونية بقبولها كأرقى ألوان الموسيقى الآلية (١٠٧).
ونصف المؤلفين الموسيقيين في هذه الحقبة منحدرون من قلب يوهان سبستيان باخ القوي وصلبه المكين. أنجبت له زوجته الأولى سبعة أطفال، أحرز اثنان منهم-فلهلم فريدمان وكارل فليب إيمانويل-سمعة دولية. وأنجبت له زوجته الثانية ثلاثة عشر طفلاً برز في عالم الموسيقى منهم اثنان هما يوهان كرستوف فريدرش ويوهان كرستيان. ثم أنجبت يوهان كسرستوف فريدرش مؤلفاً موسيقياً صغيراً هو فلهلم فريدرش ارنست باخ؛ وهكذا أعطى يوهان سبستيان باخ العالم خمسة رجال ضمنوا لهم مكاناً في تاريخ الموسيقى. يضاف إلى هؤلاء أحد أقربائه الأبعدين واسمه يوهان ارنست باخ، درس على الأستاذ في ليبزج، وأصبح رئيساً لفرقة المرتلين في فايمار، وترك عدة مؤلفات موسيقية ليجر عليها النسيان ذيوله.
أما فلهلم فريدمان باخ فقد ولد في فايمار. والقسم الأول من مؤلف أبيه "الكلافير الوسيط" كتب لتعليمه. وقد سار حثيثاً في دراسته، ولم يناهز الستة عشر عاماً حتى كان يؤلف الموسيقى. فلما بلغ الثالثة والعشرين عين عازفاً اللارغن بكنيسة صوفيا بدرسدن، ولكما كانت واجباته في هذه الوظيفة هينة فقد ألف عدة صوناتات وكونشرتوات وسمفونيات. ثم ازداد راتباً وشهرة حين اختير (١٧٤٦) عازف أورغن في كنيسة ليفراون بهاله. وأقام هناك ثمانية عشر عاماً، ومن هنا تلقيبه "باخ هاله". وكان مولعاً بالشراب لا يعلو على ولعه به إلا ولعه بالموسيقى. ثم استقال في