قبل المسيح أن تشرح جثث أربعين من المجرمين المحكوم عليهم بإعدامهم، وأن تدرس أجسامهم دراسة تشريحية، ولكن نتائج هذا التشريح وهذه الدراسة قد ضاعت وسط النقاش النظري، ولم تستمر عمليات التشريح فيما بعد. وكتب جانج جونج- تنج في القرن الثاني عدة رسائل في التغذية والحميات ظلت هي النصوص المعمول بها مدى ألف عام، وكتب هوا- دو في القرن الثالث كتاباً في الجراحة، وأشاع العمليات الجراحية باختراع نبيذ يخدر المريض تخديراً تاماً. ومن سخافات التاريخ أن ضاعت أوصاف هذا المخدر فيما بعد، ولم يعرف عنها شيء. وكتب وانج شو- هو في عام ٣٠٠ بعد الميلاد رسالة ذائعة الصيت عن ضربات القلب (٧٢).
وفي أوائل القرن السادس كتب داو هونج- جنج وصفاً شاملاً لسبعمائة وثلاثين عقاراً مما كان يستخدم في الأدوية الصينية، وبعد مائة عام من ذلك الوقت كتب جاو يوان- فانج كتاباً قيماً في أمراض النساء والأطفال ظل من المراجع الهامة زمناً طويلاً. وكثرت دوائر المعارف الطبية في أيام أباطرة أسرة تانج كما كثرت الرسائل الطبية المتخصصة التي تبحث كل منها في موضوع واحد في عهد الملوك من أسرة سونج (٧٣). وأنشئت في أيام هذه الأسرة كلية طبية؛ وإن ظل طريق التعليم الطبي هو التمرين والممارسة. وكانت العقاقير الطبية كثيرة متنوعة حتى لقد كان أحد مخازن الأدوية منذ ثلاثمائة عام يبيع منها بنحو ألف ريال في اليوم الواحد (٧٤). وكان الأطباء يطنبون ويتحذلقون في تشخيص الأمراض، فقد وصفوا من الحميات مثلاً ألف نوع، وميزوا من أنواع النبض أربعاً وعشرين حالة. واستخدموا اللقاح في معالجة الجدري، وإن كانوا لم يستخدموا التطعيم للوقاية منه، ولعلهم قد أخذوا هذا عن الهند، ووصفوا الزئبق للعلاج من الزهري. ويلوح أن هذا المرض الأخير قد ظهر في الصين في أواخر أيام أسرة منج وأنه انتشر انتشاراً مروعاً بين الأهلين، وأنه بعد زواله قد خلف