وكان حتى آخر سني حياته يجاهد لتحسين عمله، وفي ١٧٩٨ أخبر صديقاً:"إن العمل الذي أشغل به نفسي الآن يجب أن يتناول الانتقال من الأساس الميتافيزيقي للعلوم الطبيعية إلى الفيزياء. فلا بد من حل هذه المشكلة، وإلا كان هنا فجوة في نسق الفلسفة النقدية". (٩٧) ولكنه في ذلك الخطاب وصف نفسه بأنه "قد عجز عن العمل الذهني". ودخل حقبة طويلة من اضمحلال البدن، والأوجاع المتراكمة، وشعور الوحشة الذي يصاحب شيخوخة العزب. ووافته المنية في ١٢ فبراير ١٨٠٤. ودفن في كتدرائية كونجزبرج، فيما يعرف الآن بـ "ستوا كانتيانا"، (مثوى كانت) ونقشت على قبره كلماته "السماء المرصعة بالنجوم من فوقي، والقاموس الأخلاقي في باطني".
وقد خلف عند موته خليطاً كبيراً من الكتابات نشرت على أنها "أثر منشور بعد وفاة مؤلفه" في ١٨٨٢ - ٨٤. وفي إحداها وصف "الشيء-في-ذاته"-الطبقة السفلية المجهولة من وراء الظواهر والأفكار-بأنه "ليس شيئاً حقيقياً، … ولا حقيقة موجودة، بل مجرد مبدأ … للمعرفة القبلية التركيبية للعيان-الحسي المتعدد (٩٨) ". وقد سمته … "أي شيئاً لا وجود له إلا في فكرنا". وقد طبق هذه الارتيابية ذاتها على فكرة الله:
"ليس الله جوهراً موجوداً خارجي، بل مجرد علاقة أخلاقية في باطني … والأمر المطلق لا يفترض جوهراً يصدر أوامره من عل، ويتصور إذن على أنه خارجي، بل هو أمر أو نهي من عقلي أنا … والأمر المطلق يمثل الواجبات الإنسانية كأوامر إلهية لا بالمعنى التاريخي، كأن (كائناً إلهياً) قد أصدر أوامر للناس، بل بمعنى أن العقل … له القدرة على الأمر بسلطة شخص إلهي وعلى هيئته … "وصورة كائن كهذا، يجثو أمامه الجميع … الخ. تنبعث من الأمر المطلق، وليس العكس … أن الكائن الأعلى … هو من خلق العمل … لا جوهر خارج عني" (٩٩).