من تشديد كانت على أولوية الإرادة. قال شيلر "انظر كيف هيأ غني واحد أسباب الرزق لمجموعة من المتسولين"(١٠١).
كذلك أحس الأدب الألماني هو أيضاً تأثير كانت سريعاً، لأن فلسفة عصر تكون على الأرجح أدب العصر الذي يليه. ففرق شيلر برهة في مؤلفات كانت، وكتب خطاباً ملؤه الإجلال للمؤلف، وبلغ في مقالاته النثرية غموضاً يقرب من الغموض الكانتي. وأصبح الإبهام واللبس موضة فاشية في الكتابة الألمانية، وشعار نبالة يشهد بعضوية حامله في تلك الطائفة العتيقة، طائفة نساجي خيوط العناكب. قال جوته "إن التأمل الفلسفي، على العموم، أذى للألمان، لأن من شأنه أن يجعل أسلوبهم غامضاً عسيراً مبهماً. وكلما قوي تعلقهم بمدارس فلسفية بعينها ازدادت كتابتهم سواء"(١٠٢).
ويتردد المرء في اعتبار كانت كاتباً رومانتيكياً، ولكن الفقرات الأدبية الغائمة التي كتبها في الجمال والجلال غدت من الينابيع التي انبثقت منها الحركة الرومانتيكية. ولقد انبعثت محاضرات شيلر في يينا "ورسائله في تربية الإنسان الاستطيقية"(١٧٩٥) -وهي معالم على طريق تلك الحركة-من دراسته كتاب كانت "نقد الحكم". وقد هيأ التفسير الذاتي النزعة لنظرية كانت في المعرفة أساساً فلسفياً لمذهب الفردية الرومانتيكية الذي نشر لواءه مزهواً في حركة "شتورم"(الزوبعية). وعبر تأثير كانت الأدبي إلى إنجلترة، فتأثر به كولبردج وكارليل، ثم عبر إلى إنجلترة الجديدة، وأعطى اسماً لحركة إمرسن وثورو-الترانسندنتالية (١٠٣). لقد هز أستاذ الجغرافيا القصير القامة المحدودب الظهر العالم وهو يطأ أرض "متنزه الفيلسوف" في كونجزبرج. وما من شك في أنه قدم للفلسفة وعلم النفس أشق ما عرفه التاريخ إلى الآن من تحليل لعملية المعرفة.