والمالية بين المسيحيين واليهود في اتصالات أججت أحياناً نار الخصومة العرقية، ولكنها كثيراً ما خففت منها. ولعب الماليون اليهود في عدة حكومات أدواراً تجلت فيها روح العون والوطنية.
وارتفعت الآن أصوات مسيحية تقترح إنهاء الاضطهاد الديني، ففي ١٧٨١ نشر كرستيان فلهلم دوم، وكان صديقاً لمندلسون، بناء على اقتراحه نبذة خطرة الأثر سماها "في تحسين الأحوال المدنية لليهود في ألمانيا". وكانت المناسبة نداء وجهه يهود الالزاس إلى مندلسون يطلبون إليه كتابة احتجاج على القيود المفروضة عليهم. واضطلع دوم بالمهمة، ووسعها إلى نداء عام لتحرير اليهود .. ووصف في تفصيل مؤثر، المعوقات التي يعانيها اليهود في أوربا، وأشار إلى فداحة الخسارة التي خسرتها الحضارة الغربية لأنها لم تفد فائدة تذكر من مواهب اليهود العقلية-"إن مبادئ التفرقة هذه، المنافية للإنسانية والسياسة على حد سواء، تحمل طابع العصور المظلمة، وهي غير جديرة بتنوير عصرنا هذا"(٥٦) واقترح دوم السماح لليهود بحرية العبادة الكاملة وبالالتحاق بمعاهد التعليم، وبممارسة جميع المهن والحرف، وبإعطائهم جميع الحقوق المدنية، ويستثني مؤقتاً اختيارهم للمناصب وهو ما لم يكونوا بعد مهيئين له.
وأثارت الرسالة التعليق في أقطار كثيرة، فاتهمه بعض خصومه بأنه باع قلمه لليهود، ولكن العديد من رجال الدين البروتستنت سارعوا إلى الدفاع عنه. وأيده المؤرخ السويسري يوهان فون مولر، وطلب ترجمة أعمال موسى بن ميمون إلى الألمانية أو الفرنسية. واكتسبت حركة التحرير دفعاً من براءة التسامح الصادرة في ١٧٨٢ بالنمسا ومن تحرير اليهود السياسي في الولايات المتحدة (١٧٨٣). واستجابت الحكومة الفرنسية استجابة هزيلة برفع الضرائب الشخصية (١٧٨٤) التي أثقلت كواهل اليهود. واشترك المركيز ميرابو مع ماليرب في تحقيق هذا التخفيف، وساعد الحركة ابنه الكونت ميرابو بمقالة "عن مندلسون والإصلاح السياسي لليهود"