مغازلات (٥٦) صدمت الرأي العام الذي كان يتوقع من ملوك السويد أن يكونوا للأمة قدوة في المحبة والولاء الزوجيين. ثم نفر الشعب بتقريره احتكار الحكومة لتقطير المسكرات، وتهرب الفلاحون الذين ألفوا أن يقطروا شرابهم بأنفسهم من هذا الاحتكار بعشرات الحيل. وقد أنفق مالاً متزايداً على الجيش والبحرية، وكان يتأهب بشكل ظاهر للحرب مع روسيا. فلما جمع مجلس الأمة مرة ثانية (٦ مايو ١٧٨٦) افتقد في طبقاته ذلك الإجماع الذي وافق به مجلس ١٧٨٧ على قوانينه، ورفض المجلس مقترحاته كلها تقريباً، أو عدلها تعديلاً أفقدتها قيمتها، فاضطر الملك إلى إلغاء احتكار الحكومة لتقطير الخمور. وفي ٥ يوليو فض المجلس وقرر أن يحكم البلاد دون موافقته.
وكانت هذه الموافقة طبقاً لدستور ١٧٧٢ ضرورية في أي حرب إلا الحرب الدفاعية. وكان جوستافس ينوي الهجوم على روسيا. فما السبب؟ لقد علم أن روسيا والدنمرك قد وقعتا (١٢ أغسطس ١٧٧٤) معاهدة سرية للعمل الموحد ضد السويد. وزار كاترين الثانية في سانت بطرسبرج في ١٧٧٧، ولكن تظاهرهما بالصداقة لم يخدع المضيفة ولا ضيفها. فلما تكاثرت انتصارات روسيا على تركيا، خشي جوستافس إذا لم يقم بعمل لإنهائها أن توجه الإمراطورية عاجلاً جيوشها الضخمة غرباً بأمل إخضاع السويد لمشيئتها على نحو ما فعلت ببولندة، فهل من سبيل لإحباط تلك الخطة؟ لا سبيل في رأي الملك إلا أن تعان تركيا بهجوم جناحي على سانت بطرسبرج. وساعده السلطان على اتخاذ هذا القرار بعرضه على السويد إعانة قدرها مليون قرش كل سنة على امتداد السنوات العشر التالية إذا انضمت إليه في الجهد المبذول لكبح جماح كاترين. وعلل الملك نفسه بأن السويد قد تستطيع الآن أن تسترد ما أسلمته لبطرس الأكبر في ١٧٢١. وعليه ففي ١٧٨٥ بدأ جوستافس في تجهيز جيشه وبحريته للحرب. وفي ١٧٨٨ أرسل إلى روسيا إنذاراً نهائياً طالب فيه برد كاريليا وليفونيا للسويد، وبرد القرن لتركيا. وفي ٢٤ يونيو أبحر قاصداً فنلندة. وفي ٢ يوليو، تولى في هلسنجفورس قيادة قواته لا متجمعة، وشرع في الزحف على سانت بطرسبرج.