أن أتأمله على ضوء علمه. ولقد كانت ضخامة بعض الآلات وتعقدها خليقة بأن تكون تقريعاً لعقله الجبار. ولن لأنسى ما حييت عبارة مستر بولتن التي قالها لي "إنني يا سيدي أبيع هنا ما يريد العالم كله أن يملكه-القوة المحركة". وكان يشتغل بمصنعه نحو سبعمائة نفس. وقد رأيت فيه "زعيم قبيلة حديدياً، وبدا أنه أب لقبيلته"(١٦).
على أن آلات وات البخارية كانت لا تزال ناقصة، وقد جاهد على الدوام لتحسينها. ففي ١٧٨١ سجل اختراعاً تحول فيه حركة الكباس المتناوبة إلى حركة دوارة، مما جعل الآلة البخارية صالحة لإدارة المكنات العادية. وفي ١٧٨٢ سجل آلة بخارية ثنائية العمل، يتلقى فيها طرفا الأسطوانة دفعين من الغلاية والمكثف. وفي ١٧٨٨ سجل اختراع "ضابط على شكل بلية طيارة" ينظم تدفق البخار ليزيد من السرعة المتماثلة في الآلة. وخلال سنوات التجريب هذه كان مخترعون آخرون يصنعون آلات منافسة، وكان على وات أن ينتظر حلول عام ١٧٨٣ حتى تسدد مبيعاته ديونه وتبدأ في أن تؤتي ثمراتها. فلما انتهت فترة براءته اعتزل العمل النشيط، وواصل العمل في شركة بولتن ووات أبناؤهما. وتسلى وات بالاختراعات الصغيرة، واستمتع بشيخوخة رضية، ومات ١٨١٩ وقد بلغ الثالثة والثمانين.
وكان هناك اختراعات أخرى كثيرة في هذا العصر الزاخر الذي "يملك كل معلم صناعة فيه تقريباً اختراعاً جديداً من بنات أفكاره، ويدخل كل يوم تحسينات على مخترعات غيره"(١٧) على حد قول الدين تكر. وتوصل وات نفسه إلى طريقة لاستخراج النسخ المطابقة باستعمال حبر غروي وضغط الصفحة المكتوبة أو المطبوعة على فرخ مبلل من الورق الرفيع (١٧٨٠): وطبق أحد موظفيه المدعو وليم مردوك آلة وات البخارية على الجر، وصنع نموذجاً لقاطرة سرعتها ثمانية أميال في الساعة (١٧٨٤)، وقاسم مردوك رجلاً فرنسياً يدعى فليب لوبون امتياز استعمال غاز الفحم في الإضاءة، وأنار بهذه الطريقة خارج مصنع سوهو (١٧٩٨)، والمنظر المحوري للاقتصاد الإنجليزي في نهاية القرن الثامن عشر هو منظر الآلة البخارية تقود المسيرة