وبعضه لشراء الأصوات في البرلمان نفسه. وفي حالات كثيرة كانت الاعتمادات التي يوافق عليها البرلمان للخدمات السرية ترد إلى البرلمان على هيئة رشاوي. فإذا أضفنا إلى هذه التجارة الملكية المال الذي ينفقه في الانتخابات أو التشريع "النوابون" العائدون إلى إنجلترا بثروة جمعوها من الهند، أو رجال الأعمال الساعون إلى عقود حكومية أو إلى تفادي تدخل الحكومة، اكتملت لنا صورة للفساد السياسي منقطعة النظير غربي الأودر، تكشف عن طبيعة البشر كشفاً لا يشرح الصدور.
وينبغي أن نلاحظ هنا بعض التفاصيل الصغيرة للنظام البريطاني. فقد فرضت الضرائب على جميع ملاك الأرض كباراً أو صغاراً؛ وربما كان هذا عاملاً من عوامل الاحترام الذي أبداه عامة الشعب نحو طبقة النبلاء. ولم يسمح البرلمان بجيش دائم-بل سمح بميليشيا فقط؛ وكان هذا عاملاً وكان هذا عاملاً صغيراً في ثراء إنجلترا المتفوق في وقت كانت فرنسا تنفق فيه على جيش دائم عدته ١٨٠. ٠٠٠ مقاتل وبروسيا ١٩٠. ٠٠٠، وروسيا ٢٢٤. ٠٠٠. على أنه في زمن الحرب كانت القوات المسلحة تجند دون هوادة سواء بالتطوع أو الإكراه، وكانت انتهاكات الحرية الشخصية نتيجة لهذه العادة، وألوان القسوة الموحشة في حياة الجيش والبحرية، أطيافاً قاتمة تلوث المسرح الإنجليزي.
وفي رأي بلاكستون (حوالي ١٧٦٥) أن بناء إنجلترا السياسي كان خير ما سمحت به طبيعة الناس وتعليمهم في تلك الحقبة. وقد استشهد بالرأي القديم القائل بأن خير أنواع الحكم ما جمع بين الملكية والأرستقراطية والديموقراطية، وقد وجد هذه كلها "مجتمعة اجتماعاً حسناً وموفقاً" في الدستور البريطاني. ويقول:
"فيما أن السلطة التنفيذية للقوانين عندنا مخولة لشخص فرد، فإن لها كل مزايا القوة والنجاز التي توجد في أكثر الملكيات استبداداً؛ وبما أن تشريع المملكة موكول إلى سلطات متميزة ثلاث، مستقلة كل الاستقلال بعضها عن بعض؛ أولاً الملك، ثانياً اللوردات الروحيين والزمنيين الذين