ولبول (الذي كان ابنه قد أطلق عليه هذا اللقب في ١٧٧٣)(١٢٦)، لأن زملاء بت لم يكونوا يتخذون أي إجراء هام دون موافقته. والواقع أنه انشأ "حكومة مجلس الوزراء"-ومؤداها المداولة الجماعية والمسئولية الموحدة لكبار الوزراء تحت رياسة واحدة. ومع أن بت تقلد المنصب مؤيداً للسلطة الملكية، إلا أن جده واجتهاده، وسعة معلوماته رفعته شيئاً فشيئاً إلى مكان كان فيه مرشداً للملك أكثر منه تابعاً. وبعد نوبة الجنون الثانية التي أصابت الملك (١٧٨٨) كان بت هو الذي حكم إنجلترا فعلاً.
وقد مكنه إلمامه غير العادي بالتجارة والمال من إصلاح خزانة أبهظها خوض حربين ضروسين في جيل واحد إبهاضاً خطراً. وكان بت قد قرأ آدم سمث، ثم استمع إلى التجار ورجال الصناعة، فخفض الرسوم على الواردات، وعقد بعد المفاوضة مع فرنسا معاهدة تنص على خفض التعريفات الجمركية (١٧٨٦)، وشرح صدر أقطاب الصناعة بتصريحه بأن الصناعيين ينبغي أن يكونوا عموماً معفين من الضرائب ثم عوض عن هذا بفرض الضرائب على الاستهلاك على الأوشحة والشاش والقفازات والقبعات والشموع والأرائك والملح والنبيذ والآجر والقرميد والورق والشبابيك، وقد لجأت بيوت كثيرة إلى تكسية بعض نوافذها بالخشب خفضاً للضريبة (١٢٧). فما وافى عام ١٧٨٨ حتى ووزنت الميزانية، ونجت إنجلترا من الإفلاس الحكومي الذي كان مفضياً بفرنسا إلى الثورة.
وكان بت قبل الانتخاب قد قدم للبرلمان "مشروع قانون الهند الأول" الذي هزم. فقدم الآن مشروعاً ثانياً: خلاصته أن يدير مجلس إشراف يعينه الملك العلاقات السياسية لشركة الهند الشرقية، أما العلاقات والرعاية التجارية فتترك في أيدي الشركة خاضعة لحق النقض الملكي. وأقر البرلمان المشروع (٩ أغسطس ١٧٨٤) وظل يهيمن على الشئون البريطانية-الهندية حتى ١٨٥٨.
أما فوكس وبيرك فقد رأيا في هذا الترتيب استسلاماً مخزياً لشركة اشتهرت بالفساد والإجرام. وكان لبيرك أسباب خاصة تدعوه للسخط. ذلك أن راعيه اللورد فرني، وأخاه رتشارد بيرك، وقريبه وليم بيرك،