حالها في المناسبات الرسمية. وقد ركب اللورد ديرونتووتر إلى موضع إعدامه في سترة قرمزية وصدرية موشاة بالذهب (٢). أما البواريك فكانت دولتها تدول، ثم اختفت حين فرض بت الثاني الضرائب على المسحوق الذي يزيل رائحتها الكريهة، ولكنها عمرت على رءوس الأطباء، والقضاة، والمحامين، وعلى رأس صموئيل جونسن؛ وقنع معظم الرجال الآن بشعرهم الطبيعي يلملمونه على أقفيتهم في ضفيرة معقودة بشريط. وحوالي ١٧٨٥ أطال بعض الرجال سراويلهم من الركبة إلى ربلة الساق؛ وفي ١٧٩٣ تركوها تصل إلى الكاحل تقليداً للهان-كيلوت الفرنسيين الظافرين، هكذا ولد الرجل العصري، أما النساء فظللن يغطين صدورهن بالمخرمات حتى يشرفن على الاختناق، ولكن التنورة المطوقة أخذت تفقد ذيوعها وعرضها، وبدأت الفساتين تتخذ تلك الخطوط الإنسيابية التي استهوتنا أيام الشباب.
أما النظافة فلم تكن من الإيمان إلا فيما ندر، لأن الماء كان ترفاً. فالأنهار جميلة ولكنها عادة ملوثة، وكان التيمز أشبه بالمصرف (٣). وكان الماء يفرغ في مواسير ببيوت لندن ثلاث مرات في الأسبوع نظير ثلاث شلنات للكوارتر (٤)، وكان لبعض المنازل مراحيض آلية، وقليل منها كان له حمامات بماء جار. وكان معظم المراحيض (التي درج القوم على تسمية الواحد منها أريحا) خارج الأسوار، مبنية فوق حفر مكشوفة ترسل نزها خلال التربة إلى آبار يأتي منها قدر كبير من ماء الشرب (٥). على أن العناية بالصحة العامة أخذت تتحسن، والمستشفيات تكثر، وهبطت وفيات الأطفال من أربعة وسبعين في كل مائة مولود عام ١٧٤٩ إلى واحد وأربعين عام ١٨٠٩ (٦).
ولم يكن أحد من الناس يشرب الماء إذا استطاع الحصول على شراب أكثر أمناً. وكانت الجعة تعد طعاماً، لا غنى عنه لأي عمل شاق، أما النبيذ فدواء مفضل، أما الويسكي فموقد متنقل، وأما السكر فخطيئة عرضية، إن لم تكن جزءاً ضرورياً لمسايرة المجتمع. قال الدكتور جونسن "أذكر الأيام التي كان فيها جميع الأشخاص المهذبين من أهل لتشفيلد