الكلاسيكي. ذلك أن بهاء الكاتدرائيات القديمة، وفخامة الزجاج الملون الآثارية، والأطلال المكسوة باللبلاب والمتخلفة من أديرة العصر الوسيط في بريطانيا، كل أولئك حفز الخيال ليصور العصور الوسطى في صورة الكمال، وتوافق مع الإنتقاض الرومانتيكي المتزايد على طراز الثنائيات الكلاسيكية، والأعمدة الجامدة، والقواصر الثقيلة. فاستخدم هوراس ولبول سلسلة من معماري المرتبة الثانية ليعيدوا بناء بيته "ستروبريس هل" في توبكنام بطراز وحلية قوطيين (١٧٤٨ - ٧٣)، وأنفق أعواماً من الاهتمام البالغ ليجعل من بيته الحفيظ على الطراز المضاد للطراز البلاديوي. وكان يضيف إليه الحجرات عاماً بعد عام حتى أكتمل له منها اثنتان وعشرون وبلغ طول إحداهما-وهي "قاعة الفنون" التي ضمت مجموعات تحفة-خمساً وستين قدماً. وغلب عليه استعمال الشرائح الخشبية المكسوة بالجص بدلاً من الحجر، ويتضح لنا-حتى من أول نظرة-ما هذا الطراز من هشاشة قد تغتفر في الحلية الداخلية ولكنها لا تغتفر في البناء الخارجي. وقد وصف سلوين قصر ستروبري هل هذا بأنه "قوطي هش مثل كعكة الزنجبيل"(٧)، وقدر ظريف آخر أن ولبول عمر بعد تهدم ثلاثة مجموعات من الأسوار المفرجة التي (٨) اقتضى الأمر ترميمها المرة بعد المرة.
على أن بلاديو وفتروفيوس ظلا رغم هذه التجارب الربين الحارسين للعمارة الإنجليزية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كما كان في نصفه الأول. وقد تدعمت الروح الكلاسيكية بفضل الحفائر التي أجريت في صركولانيوم وبومبي، وذاعت بفضل الأوصاف المنشورة عن الأطلال الكلاسيكية التي عثر عليها في أثينا وتدمر وبعلبك. ودافع السر وليم تشيمبرز عن الرأي البلاديوي في كتابه "بحث في العمارة المدنية"(١٧٥٩) وعزز النظرية بالتطبيق حين أعاد تشييد "سومرست هاوس"(١٧٧٦ - ٨٦) بواجهة عريضة فيها النوافذ بطراز النهضة والأروقة الكورنثية المعمدة.
ثم وفدت من إسكتلندة أسرة لامعة من اخوة أربع هو جاك وروبرت وجيمس ولليم آدام ليهيمنوا على العمارة الإنجليزية في نصف القرن الذي نحن بصدده. وقد ترك روبرت أقوى البصمات على جيله. فقد أنهى دراسته