مجال تخصصه، فأقامها لتشاترتن في برستل، ولرينولدز في كاتدرائية القديس بولس، ولباولي في كنيسة وستمنستر. وقام في إنجلترا بالدور الذي قام به كازانوفا في إيطاليا-وهو المحاولة الكلاسيكية الحديثة لالتقاط رشاقة براكستيليس الناعمة الشهوانية من جديد.
وهناك أقل، وحياة أكثر، في التماثيل النصفية التي نحتها جوزف نولكنز لأعلام الإنجليز. وقد ولد في لندن لأبوين فلمنكيين، ودرس فيها حتى بلغ الثالثة العشرين، ثم قصد روما، حيث عاش واشتغل عشر سنين يبيع العاديات الأصلية والمزيفة (١٣). فلما عاد إلى إنجلترا، نحت تمثالاً نصفياً لجورج الثالث وفق فيه توفيقاً لم يلبث أن كثر الطلب عليه. فجلس إليه ستيرن وجاريك وفوكس وبت الثاني، كذلك جلس إليه جونسون، وكان في ذلك ما أسفوا عليه أحياناً، لأن نولكنز لم يجامل أحداً في نحت تمثاله. وقد سخط جونسون قائلاً أن المثال أظهره وكأنه تعاطى مسهلاً (١٤).
كان العصر عصر حفارين شعبيين، وكان الجمهور شديد الاهتمام بالشخصيات القوية التي وطئت مسرح السياسة وغيره من المسارح، وقد نثرت في طول إنجلترا وعرضها نسخ مطبوعة من صور أشكالها ووجوههم. وكادت رسوم جيمس جلري الكاريكاتورية تبلغ في أذاها مبلغ رسائل جونيس؛ وقد أعترف فوكس بأن هذه الرسوم أنزلت به "أذى أكثر من المناقشات في البرلمان"(١٥). وصور توماس رولاند سن الرجال وحوشاً، ولكنه رسم أيضاً مناظر طبيعية مبهجة، وأضحك أجيالاً عديدة بكتابه "سياحات الدكتور سنتاكس". أما بول ساند باي وإدموند داير فقد طورا الرسم بالألوان المائية حتى كاد يبلغ القمة في الصقل.
وكان البريطانيون العائدين من سياحتهم الكبرى "في أوربا" يجلبون معهم نسخ الرسوم المطبوعة والمحفورات والصور الزيتية وغيرها من التحف. وانتشر تذوق الفن، وتكاثر الفنانون، ورفعوا هاماتهم، وأجورهم، ومكانتهم في المجتمع، وأنعم على بعضهم بلقب الفروسية. ومنحت جمعية تشجيع الفن والصناعة والتجارة (١٧٥٤) المبالغ الطيبة