وتوقع حصول العمال على أجور أفضل لا بالتنظيم الحكومي بل بالتنظيم العمالي (٥٣).
وكان رائد الرأسمالية المزعوم هذا دائم الانحياز إلى العمال ضد أصحاب الأعمال. فحذر من مغبة ترك التجارة ورجال الصناعة يقررون سياسة الحكومة:
"أن مصلحة التجار … في أي فرع من فروع التجارة أو الصناعات هو دائماً مختلف من بعض الوجوه بل متعارض مع مصلحة الجمهور … واقترح أي قانون جديد، أو أي تنظيم للتجارة، يصدر عن هذه الطبقة ينبغي دائماً الاستماع إليه بغاية الحذر … فهو صادر عن طبقة من الناس … لهم بوجه عام مصلحة في أن يخدعوا الجمهور بل أن يبغوا عليه، وهم … في مناسبات كثيرة خدعوه وبغوا عليه أيضاً"(٥٤).
أهذا آدم سمث أم كارل ماركس؟ غير أن سمث دافع عن الملكية الخاصة لأنها حافز لا غنى عنه للجرأة والمغامرة، وآمن بأن عدد الأعمال المتاحة، والأجور المدفوعة، سيتوقف أولاً وقبل كل شيء على تجميع رأس المال واستخدامه (٥٥). ومع ذلك فقد دعا لرفع الأجور باعتبار هذا الرفع مجزياً لصاحب العمل والعامل على السواء (٥٦)، وألح على إلغاء الرق على أساس أن "العمل الذي يؤديه الأحرار هو في النهاية أرخص من ذلك الذي يؤديه العبيد"(٥٧).
وحين ننظر إلى سمث ذاته، في مظهره، وعاداته، وخلقه، نعجب كيف كتب رجل معزول على هذا النحو عن عمليات الزراعة والصناعة والتجارة في هذه الواقعية والبصيرة والجرأة. لقد كان شارد الذهن كنيوتن، قليل الاعتداد بالعرف والتقاليد، ومع أنه كان عادة مهذباً لطيفاً، فقد كان في وسعه أن يقابل جلافة صموئيل جونسن برد سريع من كلمات أربع تتشكك في شرعية نسب "الخان الأكبر". وبعد نشر كتابه "ثروة الأمم" قضى عامين في لندن حيث استمتع بالتعرف إلى جون ورينولدز وبيرك" وفي ١٧٧٨ عين-رسول حرية التجارة هذا-