الطيران بالبالون لأول مرة (١٧٨٣) تنبأ في فزع بانتشار الحرب إلى الجو وكتب يقول "أرجو ألا تكون هذه الشهب الميكانيكية غير لعب للعلماء أو العاطلين، وألا تحول إلى آلات تدمير للنوع الإنساني، كما هي الحال في كثير من الأحيان في تحسينات العلم أو كشوفه"(٢٩).
ثم قرر أن ينفق وقته في الريف حين وجد نفسه في الأغلب الأعم يقف مع الجانب الخاسر. وعليه ففي ١٧٤٧ استأجر خمسة أفدنة وبيتاً صغيراً قرب تويكنام. وبعد عامين اشترى هذا الملك، وحول البناء إلى الطراز القوطي الحديث-كما رأينا. وفي هذه القلعة التي طبعها بطابع القصر الوسيط جمع شتى التحف المتفردة فناً أو تاريخاً، وما لبث أن استحال بيته متحفاً يحتاج إلى قائمة بمحتوياته. ووضع في حجرة مطبعة، وطبع فيها أربعة وثلاثين كتاباً بما فيها كتبه طباعة أنيقة. وقد طلع على القراء-من ستروبري في أكثر الأحايين-بخطاباته الباقية إلى اليوم وعددها ٣. ٦٠١ وكان له مائة صديق، تشاجر معهم كلهم تقريباً، ثم تصالح، وكان لطيفاً بقدر ما سمح به مزاجه العصبي المرهف. وكان يخرج الخبز واللبن كل يوم للسناجيب التي تتودد إليه. وكان يرعى وظائفه الشرفية ويسعى للمزيد منها، ولكن حين فصل ابن خاله هنري كونواي من وظيفته اقترح ولبول أن يقتسم دخله معه.
وكان فيه ألف عيب، حشدها ماكولي بتفصيل كثير في مقال ذكي جائر. لقد كان ولبول مغروراً، نقياً، كتوماً، هوائياً، فخوراً بأجداده، مشمئزاً من أقاربه. وكانت فكاهته تنحو إلى الهجاء المقذع. وقد حمل إلى قبره، وفي التواريخ التي كتبها، احتقاره لكل الذين شاركوا في خلع أبيه. وكثيراً ما عنف في تحامله، كما نرى في أوصافه لليدي بومفريت (٣٠) أو الليدي ماري ورتلي منتجيو (٣١). وقد نحا به جسده الهش إلى طبيعة تشبه طبيعة الهاوي السطحي. وإذا كان ديدرو، في عبارة سانت بوف المنيرة، أكثر الفرنسيين جميعاً ألمانية، فإن ولبون كان أكثر الإنجليز جميعاً فرنسية.
وكان صريحاً شجاعاً في الإعراب عن ميوله وآرائه غير المألوفة؛ ففرجل في رأيه مضجر، ومن باب أولى رتشاردسن وستيرن. وقال عن