حكمت على أسلوبه بأنه "منمق؛ خطابي"، وأنه "يجري على طريقة أدبائنا المعترف بهم (٨٨). وقد رفض دعوة من بنيامين فرانكلن، ببطاقة ذكر فيها أنه مع احترامه للمبعوث الأمريكي رجلاً فيلسوفاً، إلا أنه لا يستطيع أن يراه أمراً ينسجم مع واجبه قبل مليكه أن يدخل في أي حديث مع رجل مع الرعايا الثائرين. ورد فرانكلن بأنه يكن من الاحترام الشديد للمؤرخ ما يجعله سعيداً- أن خطر لجبون يوماً أن يتخذ من اضمحلال الإمبراطورية البريطانية وسقوطها موضوعاً للتأليف- بأن يزوده ببعض المواد المتصلة بالموضوع"(٨٩).
فلما عاد جبون إلى لندن، أعد رداً على نقاده- " دفاع عن بعض فقرات وردت في الفصلين الخامس عشر والسادس عشر من تاريخ اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها"(١٧٧٩) وقد تناول خصومه اللاهوتيين في إيجاز ورفق، ولكنه قليلاً في رده على هنري ديفز، وهو فتى في الحادية والعشرين كان قد اتهم جبون في كتاب من ٢٨٤ صفحة بأخطاء سببها عدم الدقة. وقد اعترف المؤرخ ببعض الأخطاء ولكنه أنكر "تعمد التحريف، والأخطاء الجسيمة، والانتحالات الذليلة"(٩٠). واستقبل هذا "الدفاع" عموماً على أنه رد موفق. وبعدها لم يرد جبون على النقد إلا عرضاً في "المذكرات"، ولكنه وجد مكاناً لبعض المديح الذي أسبغه على المسيحية على سبيل المصالحة في أجزاء الكتاب التالية.
وقد ازداد تأليفه سرعة بفقده كرسيه في البرلمان (أول سبتمبر ١٧٨٠)، فصدر المجلدان الثاني والثالث من "التاريخ" في أول مارس ١٧٨١ وقد استقبلا استقبلاً هادئاً. ذلك أن غزوات القبائل الهمجية كانت قصة قديمة، أما المناقشات الطويلة المتخصصة للهرطقات التي أثارت الكنيسة المسيحية في القرنين الرابع والخامس فلم يكن فيها ما يشوق جيلاً من الشكاك الدنيويين. وكان جبون قد أرسل سلفاً نسخة من المجلد الثاني إلى هوراس ولبول، فزار الآن ولبول في ميدان باركلي، وأحزنه أن يقال له "إن في الكتاب إسهاباً كثيراً عن الأريوسيين والأونوميين وأشباه البلاحيين … بحيث أنني أخشى