وقد روعه الاتجار بالرقيق، وكان صوته أحد الأصوات الإنجليزية الأولى التي نددت بالرجل الذي:
يرى أخاه مذنباً بجريرة جلد
لونه غير لون جلده؛ إذ كان له
من القوة ما يمكنه من إنقاذ الباطل ..
فهو يدينه ويتملكه فريسة حلالاً …
فما الإنسان إذن؟ وأي إنسان له مشاعر البشر
يرى هذا ولا يحمر وجهه خجلاً،
ولا ينكس خزياً من مجرد الفكرة بأنه إنسان؟ (١٥٦)
ومع ذلك يختتم بهذه العبارة "
أنني ما زلت أحبك رغم كل أخطائك يا إنجلترا" (١٥٧).
وقد أحس أن هذه الأخطاء تخف إن ثابت إنجلترا إلى الدين وحياة الريف. "كنت ظبياً جريحاً ترك القطيع" أي أنه ترك لندن حيث "تدفعنا العاهرات بالمرافق، ووجد شفاءه في الإيمان والطبيعة. تعال إلى الريف! وتأمل نهر أوز "يحتوي مخترقاً سهلاً مستوياً"، ثم هاتيك الماشية المطمئنة وكوخ الفلاح وساكنيه الأشداء، وبرج القرية يرمز للحزن والرجاء! واستمع إلى رشاش مساقط المياه، وزرقة الطيور في الصباح. إن لكل فصل أفراحه في الريف، فأمطار الربيع بركة، وثلوج الشتاء نقية. وما أبهج السير الثقيل وسط الثلوج ثم التجمع حول نار المدفأة في المساء! ".
ولم يكتب كوبر شيئاً ذا بال بعد "الواجب". وفي ١٧٨٦ انتقل ثانية إلى وستن أند روود القريبة، وهناك كابد نصف عام آخر من الجنون. وفي ١٧٩٢ أصيبت السيدة أنوين بالفالج، وظلت ثلاث سنين عليلة عاجزة؛ فمرضها كوبر كما مرضته من قبل، وفي آخر شهر في حياتها كتب أبياته التي عنوانها "إلى ماري أنوين":