للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الحبشة، وكان هذا مرجعاً بعيداً لقصته "راسيلاس". وفي ١٧٣٤ ففل إلى ليتشفيلد حيث كانت أمه وأخوه يواصلان العمل في المتجر. وفي ٩ يوليو ١٧٣٥، قبل أن يتم السادسة والعشرين بشهرين، تزوج إليزابث بورتر، وكانت أرملة في الثامنة والأربعين لها ثلاثة أطفال وتملك ٧٠٠ جنيه. وبمالها هذا افتتح مدرسة داخلية في إديال القريبة منه. وكان من تلاميذه ديفي جاريك، أحد صبية لتشفيلد، ولكن لم يكن هناك ما يكفي لاستمالته إلى مهنة التعليم، وكان التأليف يختمر في باطنه. فكتب مسرحية سناها "أيريني"، وبعث بكلمة لأدورد كيف محرر "مجلة الجنتلمان" يشرح كيف يمكن تحسين تلك المجلة. وفي ٢ مارس ١٧٣٧ انطلق إلى لندن مع ديفد جاريك وجواد واحد، ليبيع مأساته ويشق لنفسه طريقاً في العالم القاسي.

على ان مظهره يعاكسه. كان نحيلاً طويلاً، ولكن كان له هيكل ناتئ العظام جعله كتلة من الزوايا. وكان وجهه مبقعاً بندوب الداء الخنازيري تهيجه مراراً انقباضة تشنجية، وكان جسمه عرضة لانتفاضات مزعجة، وحديثه تؤكده حركات وإيماءات غريبة. وقد نصحه كتبي طلب عنده عملاً بأن "يحصل على إنشوطة حمال ويحمل الحقائب" (٧). والظاهر أنه تلقى بعض التشجيع من كيف، لأنه في يوليو عاد إلى لتشفيلد وأتى بزوجته إلى لندن.

ولم يكن خلواً من المكر. فحين هوجم كيف في الصحف نظم جونسن قصيدة في الدفاع عنه وأرسلها إليه، فنشرها كيف، وكلفه بمهام أدبية، وانضم إلى ددسلي في نشر قصيدة جونسن "لندن" (مايو ١٧٣٨) التي نقداه عشرة جنيهات ثمناً لها. وقد قلدت القصيدة في غير مواريه "الهجائية الثالثة" لجوفنال، ومن ثم أكدت الجوانب المؤسفة لمدينة لندن التي سرعان ما تعلم الكاتب أن يحبها، كذلك كانت هجوماً على حكومة روبرت ولبول، الذي وصفه جونسن فيما بعد بأنه "خير وزير عرفته البلاد" (٨). وكانت القصيدة من بعض نواحيها هجوماً غاضباً لشاب ظل غير واثق من قوت غده بعد أن قضى عاماً في لندن. ومن هنا بيته المشهور "أن الكفاية تصعد ببطئ لأن الفقر يوهنها" (٩).