للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك الوقت رست السفينة التي أقلته في هنج كنج التي لقي في ثغرها المذلة منذ عشرين عاماً على يد الموظفين البريطانيين.

وكانت الإمبراطورة الوالدة قد قضت نحبها في عام ١٩٠٨ م بعد أن دبرت موت الإمبراطور السجين جوانج شو قبل موتها بيوم واحد، وخلفها على العرش بويسي ابن أخي جوانج، وهو الآن إمبراطور منشوكو (١). وأدخلت الحكومة الصينية في أواخر حكم الإمبراطورة الوالدة وأوائل حكم حليفها الطفل كثيراً من ضروب الإصلاح التي تهدف إلى تجديد البلاد وصبغها بالصبغة الغربية الحديثة؛ فمدت الطرق الحديدية مستعينة في الغالب برؤوس الأموال الأجنبية وبخبرة الأجانب وإشرافهم، وألغى نظام الامتحان للتعيين في المناصب الحكومية، وأنشئ نظام جديد للتعليم، ودعيت جمعية وطنية لتجتمع في عام ١٩١٠ م، ووضع مشروع يستغرق تنفيذه تسع سنين يهدف إلى إقامة حكومة ملكية دستورية وينتهي بتعميم حق الانتخاب بعد أن يتدرج خطوة خطوة مع انتشار التعليم العام في البلاد. وجاء في المرسوم الذي أعلن به هذا المنهج ما يأتي: "كل تسرُّع في إدخال هذه الإصلاحات سيؤدي في النهاية إلى ضياع كل ما بذل فيها من جهود" (١٣). ولكن الثورة لم تكن لتوقف تيارها هذه النوبة التي جهرت بها الأسرة المريضة وهي على فراش الموت، وألفى الإمبراطور الشاب نفسه تحيط به الثورة من كل جوانبه، وقد تخلى عنه الجيش فلم يجد من يدافع عنه، فلم ير بُداً من أن يعلن تخليه عن العرش، وأصدر نائب الإمبراطور الأمير جون مرسوماً هو أعجب ما صدر من المراسيم في تاريخ الصين كله:

إن الشعب في جميع أنحاء الإمبراطورية يتجه الآن بعقله نحو الجمهورية …


(١) لقد كتب هذا الفصل قبل الحرب الأوربية الأخيرة، وكانت اليابان قد غزت الصين، واجتاحت جيوشها منشوريا، وأقامت فيها دولة تأتمر بأمرها هي دولة منشوكو، وأجلست هذا الإمبراطور على عرشها. ولكن الحرب الأخيرة بدلت هذا كله. (المترجم).