إن الاهتمام الذي طاب لك أن تبديه نحو جهودي كان كريماً لو أنه جاء مبكراً، ولكنه تأخر حتى أمسيت عديم الاكتراث له، عاجزاً عن الاستمتاع به، وحتى بت وحيداً لا أستطيع إشراك غيري فيه، معروفاً لا حاجة بي إليه. وأرجو ألا يعد من القسوة البالغة السخرية ألا أعترف بأفضال لم أتلق منها نفعاً، أو أن أكره أن يعدني الجمهور مديناً لراع بما مكنتني العناية الإلهية من أن أؤديه لنفسي.
وإنني إذ مضيت بعملي هذا الشوط بقدر ضئيل جداً من الدين لأي راع للأدب، فلن يفت في عضدي أن أنهي العمل بقدر أضأل إن كان هذا القدر متاحاً، ذلك أنني أفقت منذ أمد بعيد من حلم الأمل الذي كنت يوماً ما أعتز به في اغتباط شديد:
وإنني يا سيدي اللورد
خادمكم المتواضع المطيع
صموئيل جونسن (٢٩).
أما تعليق تشسترفيلد الوحيد على الرسالة فهو أنها "كتبت كتابة جيدة جداً"، وهي في الحق آية من آيات نثر القرن الثامن عشر، بريئة تماماً من المشتقات اللاتينية التي كانت أحياناً تعوق أسلوب جونسن وتثقله. ولا بد أن كاتبها كان عميق الإحساس بها والتفكير فيها، لأنه تلاها على مسامع بوزويل من الذاكرة بعد ست وعشرين سنة (٣٠)، ولم تنشر الرسالة في لابد بعد موت جونسن. ولعل غيظه شوه حكمه على "رسائل تشسترفيلد لولده" بأنها-"تعلم أخلاقيات بغي، وعادات معلم رقص"(٣١).
وذهب جونسن إلى أكسفورد في مطالع ١٧٥٥، ومن جهة ليرجع إلى المكتبات، ومن جهة أخرى ليقترح على صديقه توماس وارتن أنه مما يعين على رواج القاموس أن يستطيع مؤلفه إضافة درجة جامعية إلى اسمه. ودبر وارتن الأمر، وفي مارس خلعت على جونسن درجة أستاذ آداب فخرية. وهكذا صدر القاموس آخر الأمر، في مجلدين من القطع الكبيرة بلغا قرابة ٢. ٣٠٠ صفحة، وحدد له ثمناً أربعة جنيهات وعشرة بنسات. وفي ختام المقدمة أعلن جونسن أن.