عامه الخامس والسبعين) وضعها على ظهره، وحملها إلى مسكنه، واعتنى بها حتى استعادت صحتها، ثم "حاول أن يعينها على كسب رزق حلال"(٨١). وقد قال جورج ستيفنز الذي تعاون معه في التعليق على مسرحيات شكسبير "لو أن الحسنات الكثيرة التي أخفاها عمداً، والأفعال الإنسانية التي أسداها سراً، أعلن عنها بذات التفصيل الدقيق (كزلاته)، لتاهت عيوبه في وهج فضائله فلم يبق أمام الناس غير الفضائل"(٨٢).
ولم يؤلف خلال العوام التسعة عشر الباقية من عمره سوى كتاب هام واحد هو "سيرة الشعراء"، وفيما عدا ذلك أحل لسانه محل قلمه. وقد وصف نفسه بأنه "رجل يحب أن يلف ساقيه ويطلق حديثه"(٨٣). ولو غضضنا النظر عن تلذذه بالطعام، لوجدناه أسعد ما يكون حياة حين يتحدث إلى جماعة ذكية. وكان قد اجتمع له بالملاحظة والقراءة ذخيرة خارقة وتنوع مدهش من المعرفة بشئون البشر، وقد حمل الكثير من هذه المعرفة في مخزن ذاكرته وكان يرحب بفرصة التخفف منها. ومع ذلك فقلما كان البادئ بأي نقاش جاد، وما كان يفصح عن رأيه إلا حين يثير بعضهم موضوعاً أو تحدياً. وكان يجد دائماً إغراء بأن يعارض رأي غيره، وكان على استعداد للدفاع عن أي قضية أو عكسها، يلتذ بالجدل لعلمه بأنه لا يقهر، ويصمم أنه ألذها. وكان على علم بأن هذا لم يكن أرقى ضروب الحديث، ولكنه كان واثقاً أنه ألذها, وكان إذا حمى وطيس المعركة واشتد استمتاعه بها لا يعرف المجاملة. يقول بوزويل "لم يكن يرحم أحداً منا. مرة قال لأحد مجادليه: لقد عثرت لك على حجة، ولكني لست ملزماً بالعثور لك على فهم (٨٥). يقول جولد سمث "لا سبيل للجدل مع جونسن، فهو إن أخطأك رصاص طبنجته صرعك بمقبضها" (٨٦) ويروي بوزويل هذه القصة عنه، "حين ألممت بالدكتور جونسن صبيحة الغد وجدته راضياً كل الرضى عن قدراته الكلامية في البارحة. فقد قال: حسناً، لقد استمتعنا بحديث طيب". بوزوبل "أجل يا سيدي، لقد قذفت بالكثيرين واثخنتهم بالجراح" (٨٧). وقد وصفه توماس شريدان بأنه "بلطجي" (٨٨). وجبون بأنه متعصب تعصباً