سياسياً، ثم تغلغلت فيها اقتصادياً، وسيطرت عليها عسكرياً، وجعلت لنفسها بهذه الوسائل فيها مركزاً ممتازاً يمكنها من استغلال موارد منشوريا الطبيعية، واستخدام أهلها، وفتح أسواقها للتجارة اليابانية. وانضمت الدول الأوربية التي كانت قد أنفقت فيما بينها على وقف غارات التلصص زمناً ما بعد أن جمعت كل ما تستطيع أن تجمعه من الأسلاب، انضمت هذه الدول إلى أمريكا، ووجهت احتجاجا ضعيفاً إلى اليابان على هذا النهب الصريح؛ ولكنها كانت في هذه المرة كما هي عادتها في جميع الأحوال على استعداد لأن تعد النصر مبرراً للغاية.
وكانت آخر مذلة لحقت بأوربا وأمريكا هي ما أقدمت عليه اليابان في شنغهاي. ذلك أن اليابان ثار ثائرها لما أصاب تجارتها من جراء المقاطعة الصينية، فأنزلت جيوشها المنتصرة في أغنى ثغور الصين، واحتلت حي جاباي ودمرته، وأنذرت الحكومة الصينية بأن توقف أعمال جمعيات المقاطعة. ودافع الصينيون عن أنفسهم دفاع الأبطال، وقاوم جيش الطريق التاسع عشر القادم من كانتون قوى اليابان التي كانت تفوقه عدة ونظاماً، ووقف وحده تقريباً في وجهها شهرين كاملين. ثم عرضت حكومة نانكنج على اليابان أن تتراضى وإياها على حل وسط، وانسحبت اليابان من شنغهاي، وعادت الصين تضمد جراحها، فاعتزمت أن تضع لنفسها أساس حضارة جديدة أقوى من حضارتها السابقة وأمتن منها دعامة تستطيع أن تدفع بها العالم النهم وترد مطامعه.