ستسمو فوق جميع الدول الأخرى" (٨٢) ولكن الوزير أعوزه الوقت. والملك أعوزه المال، لإخراج هذه الأفكار إلى حيز الوجود.
وكانت مراسيم طورجو- وديباجتها- قد ألهبت غضب جميع الطبقات ذات النفوذ عليه خلا التجار ورجال الصناعة، الذين زكوا في ظل الحرية الجديدة. والواقع أنه كان يحاول أن يحدث بطريق سلمي تحرير رجال الأعمال، وهو النتيجة الاقتصادية الأساسية التي أسفرت عنها الثورة الفرنسية. ومع ذلك عارضه بعض التجار سراً لأنه تدخل في احتكاراتهم. وعارضه الأشراف لأنه أراد أن يفرض كل الضرائب على الأرض، ولأنه يستعدي الفقراء على الأغنياء. وأبغضه البرلمان لأنه أقنع الملك بإبطال قرارات نقضه. ولم يثق به رجال الدين زاعمينه كافراً يندر أن يختلف عن القداس، ويدافع عن الحرية الدينية. وحاربه الملتزمون العموميون لأنه حاول أن يحل محلهم موظفون حكوميين في جمع الضرائب غير المباشرة. وساء الماليين حصوله على القروض من الخارج بفائدة ٤%. وكرهته بطانة الملك لأنه سخط على إسرافهم، ومعاشاتهم، ووظائفهم الفخرية. أما موريبا، وهو الأعلى منه منصباً في الوزارة، فلم يغتبط بسلطان المراقب العام للمالية واستقلاله المتزايدين. وكتب السفير السويدي يقول "إن طورجو يجد نفسه الهدف لحلف رهيب جداً" (٨٣).
أما ماري أنطوانيت فقد رضيت عن طورجو أول الأمر، وحاولت أن توفق بين نفقاتها واقتصادياته. ولكن سرعان ما استأنفت (حتى ١٧٧٧) إسرافها في الثياب والعطايا. ولم يخف طورجو فزعه من مطالبهم من الخزنة، وكانت الملكة إرضاء لآن بولنياك قد حصلت على تعيين صديقهم الكونت دجين سفيراً لفرنسا في لندن؛ وهناك دخل في معاملات مالية مشبوهة. وانضم طورجو إلى فرجين في الإشارة على الملك باستدعائه؛ وأقسمت الملكة لتنتقمن منه.
وكان للويس السادس عشر أسبابه الخاصة لفقد الثقة في الوزير الثوري. ذلك أن الملك كان يحترم الكنيسة، وطبقة النبلاء، وحتى البرلمانات،