للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإرادتها … وهذا الضعف هو الذي يدفعه إلى الموافقة دون تردد على سخط الحاشية علي، والذي يجردني من كل سلطة تقريباً في إدارتي …

"مولاي، لا تنس أن الضعف هو الذي أطاح برأس تشارلز الأول على المقصلة … والذي جعل من لويس الثالث عشر عبداً متوجاً، … والذي جر على الحكم السالف كل ويلاته .. مولاي، إنهم يعدونك ضعيفاً، وقد أتى وقت خشيت فيه أن يكون في خلقك هذا العيب، ومع ذلك رأيتك في مناسبات أكثر من هذه عسيراً تبدي شجاعة أصيلة … أن جلالتكم لن تستطيع الاستسلام إرضاء لمسيو دموريب دون لأن تكون غير صادق مع نفسك … " (٨٥).

ولم يرد الملك على هذه الرسالة. فقد أحس أن عليه الآن أن يختار بين موريبا وطورجو، وأن طورجو يطلب خضوع الحكومة التام تقريباً لإرادته. وعليه ففي ١٢ مايو ١٧٧٦ أرسل إلى طورجو أمراً بأن يستقبل. وفي اليوم ذاته، وخضوعاً لإرادة الملكة وآل بوليناك، رفع الكونت دجين إلى مرتبة الدوقية. فلما سمع ماليرب بإقالة طورجو قدم استقالته. وقال له لويس "إنك رجل محظوظ. ليتني أنا أيضاً أستطيع ترك منصبي" (٨٦). وما لبث معظم من عينهم طورجو أن طردوا من مناصبهم. وصعقت ماريا تريزا لهذه التطورات، ووافقت فردريك وفولتير على أن سقوط طورجو نذير بانهيار فرنسا (٨٧)، وقد أحزنها الدور الذي لعبته ابنتها في الأمر، وأبت أن تصدق تنصل الملكة من التبعية، وكتب فولتير إلى لاهارب يقول: "لم يبق لي إلا أن أموت بعد أن ذهب مسيو طورجو" (٨٨).

أما طورجو فقد عاش بعد إقالته عيشة هادئة في باريس، يدرس الرياضة، والفيزياء، والكيمياء، والتشريح. وكان يلتقي كثيراً بفرانكلين، وقد كتب له "مذكرة في الرسوم" ثم اشتدت عليه وطأة النقرس حتى أكرهه بعد ١٧٧٨ على الاستعانة بعكازين في شميه. ومات في ١٨ مارس ١٧٨١ بعد سنوات حفلت بالألم وخيبة الأمل. ولم يدر بخلده أن القرن التاسع عشر سيقبل معظم أفكاره ويطبقها. وقد أجمل ماليرب وصفه في حب فقال: "كان له رأس فرانسيس بيكن، وقلب لوبيتال" (٨٩).