"لو أتيح ليوليانوس الآن أن يلم من جديد بعاصمة فرنسا (حيث ولد عام ٣٣١م). لاستطاع أن يتبادل الحديث مع علماء وعباقرة قادرين على فهم تلميذ من تلاميذ اليونان وعلى تعليمه، ولعله مغتفر تلك الحماقات اللطيفة التي تند عن أمة يوهن روحها الحربية قط حبها للترف، وهو لا بد مصفق لكمال ذلك الفن الرفيع الذي يرقق ويهذب ويجمل علاقات الحياة الاجتماعية"(٤١).
ثم أضاف في إحدى رسائله "لقد بدا لي دائماً أن النساء في لوزان، كما في باريس، أرقى كثيراً من الرجال"(٤٢).
وكانت قدامى الصالونيات يخيلن المسرح على كره. فمدام جوفران ماتت عام ١٧٧٧ كما سبق القول. أما مدام دودفان فقد أوشكت أن تتم عبور القرن من أوله لآخره، فقد دخلت التاريخ بوصفها إحدى خليلات الوصي على العرش (٤٣). وافتتحت صالوناً اتصل نشاطه من ١٧٣٩ إلى ١٧٨٠، وكانت قد خسرت معظم سباع الأدب، إذ ظفرت بهم جولي دلسبيناس والصالونات الجديدة، وقد وجد هوراس ولبول-الذي قدم إليها لأول مرة في ١٧٦٥ - تشكيلتها من الشيوخ الأرستقراطيين مملة لا تثير اهتمامه. "إنني أتناول عشائي هناك مرتين كل أسبوع، وأحتمل عشراءها المملين كلهم لأجل خاطر الوصي على العرش"(٤٤)، وهو يعني ذكرياتها المرحة لفترة الوصاية الرائعة تلك التي قررت طابع المجتمع الفرنسي والأخلاق الفرنسية طوال الستين عاماً التالية. أما هي ذاتها (في عبارة هوراس)"فلذيذة (في الثامنة والستين)، تواقة لمعرفة ما يجري كل يوم توقي لما جرى في القرن الماضي".
وقد أعجب بفكرها إعجاباً مفرطاً-لأنه لم يلتق قط بمثل هذا الذكاء اللامع في نساء إنجلترا مازلن مقهورات مكبوتات-حتى لقد ألف أن يلم بها كل يوم، وقدم لها من التحية والإطراء ما بدا معيداً شبابها الذهبي. وأفردت هي له مقعداً خاصاً يحجز له دائماً، ووفرت له التدليل بكل لون من ألوان اهتمام المرأة ورعايتها. وإذ كان في طبيعتها بعض الذكورة، فإن