دور)، وساعة مرصعة بالماس، إلى السيدة جوزمان أغراء لها على أن تمهد السبيل لاستماع زوجها إليه، فطلبت خمسة عشر جنيهاً ذهبياً أخرى أجر "سكرتير"، فأرسلها. وظفر بالمقابلة، ولكن المستشار اتخذ قراراً ضده، فأعادت السيدة جوزمان كل شيء إلا الخمسة عشر جنيهاً ذهبياً، وأصر بومارشيه على ردها هذا المبلغ أيضاً، واتهمه جوزمان بتقديم الرشوة. فعرض بيير الأمر على الشعب في سلسلة من "المذكرات" فيها من الحيوية والظرف ما أكسبه ثناء عريضاً باعتباره مجادلاً بارعاً إن لم يكن رجلاً أميناً كل الأمانة. وقد قال فولتير عنها: لم أر قط شيئاً أقوى ولا أجرأ ولا أفكه ولا أطرف ولا أشد إذلالاً لخصومه. فهو يحارب "دستة" منهم في وقت واحد ويحصدهم حصداً" (١١٢). وأصدر البرلمان حكماً برفض دعواه في حقه في الميراث (٦ أبريل ١٧٧٣)، واتهمه في الواقع بالتزوير، وحكم عليه بدفع ٥٦. ٣٠٠ جنيه نظير التعويض والديون.
فلما أفرج عن بومارشيه (٨ مايو ١٧٧٣) استخدمه لويس الخامس عشر جاسوساً في بعثة إلى إنجلترا ليمنع تداول نشرة فاضحة في حق مدام دوباري. فنجح في مهمته، وواصل اشتغاله عميلاً في عهد لويس السادس عشر الذي كلفه بأن يعود إلى لندن ويرشو جوليلمو انجيلوتشي كي يمتنع عن إصدار نشرة في حق ماري أنطوانيت. وسلم انجليلوتشي المخطوطة نظير ٣٥. ٠٠٠ فرنك ورحل إلى نورمبرج؛ واشتبه بومارشيه في حيازته نسخة ثانية، فتبعه عبر ألمانيا، وأدركه قرب نويشتات، وأكرهه على تسليمه النسخة، ثم هاجمه قاطعاً الطريق، فدفعهما عنه، ولكنه جرح، وشق طريقه إلى فيينا، حيث قبض عليه بوصف جاسوساً، وقضى في السجن شهراً، ثم أطلق سراحه، فركب قافلاً إلى فرنسا.
ولكن مغامرته الجريئة التالية أحق بمكان في التاريخ. ذلك أن فرجين أوفده في ١٧٧٥ إلى لندن ليستطلع له حقيقة الأزمة المتصاعدة بين إنجلترا وأمريكا. وفي سبتمبر بعث بومارشيه إلى لويس السادس عشر بتقرير تنبأ بنجاح الثورة الأمريكية، وأكد وجود أقلية مناصرة للأمريكيين في إنجلترا.