لصيانة تجارتها، ومن ثم تحتاج إلى عبيد حتى تصبح التجارة مجزية في هذا الجزء من العالم، على الأقل إلى أن يعثر على وسيلة أخرى" (٤٥).
واحتاجت المشروعات الصناعية والاستعمارية وغيرها إلى رأس المال، وولدت سلالة متكاثرة من المصرفيين، وعرضت شركات المحاصة السندات، وطرحت الحكومة أسهم القروض، وتطورت المضاربة في بيع وشراء السندات المالية، واستأجر المضاربون صحفيين لبث الشائعات المقصود بها رفع أسعار الأسهم أو خفضها (٤٦). وحظي بعض المصرفيون بثقة شخصية تفوق الثقة في الحكومة، ومن ثم استطاعوا أن يقترضوا بفائدة منخفضة، ويقوضوا الحكومة بفائدة اعلى، ويزيدوا ثروتهم بإمساك دفاترهم لا أكثر-ما دام حكمهم صائباً وما دامت الدولة تدفع ديونها.
وتعاظم ثراء الملتزمين العامين (وهم الماليون الذين كانوا يشترون حق جباية الضرائب غير المباشرة بتقديمهم قرضاً للحكومة) واشتد كره الناس لهم، وذلك لأن الضرائب غير المباشرة، كضرائب البيوع عموماً، كانت أفدح ما تكون على من يضطرون لإنفاق الكثير من دخلهم على ضروريات الحياة اليومية. وكان بعض هؤلاء الملتزمين مثل هلفتيوس ولا فوازييه، رجالاً ذوي نزاهة نسبية وروح وطنية، أسخياء في مساهمتهم في البر والآداب والفنون (٤٧). وتبينت الحكومة مساوئ نظام الالتزام هذا، وخفضت عدد الملتزمين من ستين إلى أربعين في ١٧٨٠، ولكن عداء الشعب لهم استمر. وقد ألغت الثورة النظام، وكان رأس لافوازييه أحد الرءوس التي تهاوت في هذه العملية.
ولما كان نظام الضرائب قد لعب دوراً قيادياً بين أسباب الثورة، فلا بد لنا من أن نذكر القارئ مرة أخرى الضرائب التي كان الفرنسيون يدفعونها. (١) كانت التاي ضريبة على الأرض والأملاك الشخصية. وقد