البنكنوت بدلاً من النقود، وارتفعت أسعار السندات الحكومية ثلاثين في المائة في السوق، وقدم المصرفيون من المال للخزانة ما يكفي لتجاوز الأزمة عاماً.
وعملاً بنصيحة نكير دعا الملك البرلمان ثانية (٢٣ سبتمبر). واقترف البرلمان في نشوة انتصاره خطأ التصريح بأن مجلس الطبقات القادم ينبغي أن يعمل كما عمل سابقه في ١٧١٤ - أي منعقداً بطبقات منفصلة ومصوتاً في وحدات طبقية، وهذا كفيل بأن يصيب الطبقة الثالثة أوتوماتيكياً بالعجز السياسي. أما جماهير العامة التي كانت قد صدقت دعوى البرلمان بأنه يدافع عن الحرية ضد الطغيان، فقد أدركت أن الحرية المقصودة هي حرية الطبقتين المميزتين في التسيد على الملك. وهكذا حرم البرلمان نفسه، بانضمامه على هذا النحو إلى وصف النظام الإقطاعي، من تأييد الطبقة الوسطى القوية، ولم بعد منذ الآن عاملاً مؤثراً في تشكيل الأحداث. وبلغ "التمرد النبيل" وبهذا حدوده وأنهى شوطه، ثم أخلى الآن مكانه للثورة البورجوازية.
وقد زاد مهمة نكير عسراً ما حل بالبلاد عام ١٧٨٨ من قحط انتهى بعواصف ثلجية أتلفت المحاصيل الهزيلة. وكان شتاء ١٧٨٨ - ٨٩ من أقسى ما غفره تاريخ فرنسا، ففي باريس هبط الترمومتر إلى ١٨ o تحت الصفر الفارنهيتي، وتجمد السين تماماً من باريس إلى الهافر. وارتفع سعر الخبز من تسعة سنتات في أغسطس ١٧٨٨ إلى أربعة عشر في فبراير ١٧٨٩. وبذلت الطبقات العليا قصارى جهدها للتخفيف عن الشعب، وأنفق بعض النبلاء، كالدوق أورليان، مئات الألوف من الجنيهات في إطعام الفقراء وتدفئتهم، وتبرع رئيس الأساقفة بأربعمائة ألف جنيه، وظل دير للرهبان يطعم ألفاً ومائتي يومياً على مدى ستة أسابيع (٣٢). وحظر نكير تصدير الغلال، واستورد منها ما قيمته سبعون مليون جنيه، فأمكن تفادي المجاعة، ولكنه ترك لخلفائه أو لمجلس الطبقات مهمة سداد القروض التي اقترضها.