ما اعترضت قوافل الغلال ,نهبتها قبل أن تستطيع هذه القوافل الوصول إلى السوق؛ وكانت أحياناً تطبق على الأسواق بالغوغاء وتستولي عنوة ودون دفع الثمن على الغلة التي أتى بها الفلاحون ليبيعوها (٥٥). وفي ٢٣ إبريل استصدر نكير من المجلس الملكي مرسوماً يخول للقضاة والشرطة جرد مخازن الغلال الخاصة وإلزامها حيثما عز الخبز بإرسال غلالها للسوق، ولكن هذا الأمر نفذ ي تراخ. كذلك كانت صورة باريس في ربيع ذلك العام.
وفي هذه الجماهير الغاضبة من الدهماء تبين الدوق أورليان أداة قد تحقق له مآربه. وكان الحفيد البعيد لفليب أورليان الذي كان وصياً على عرش فرنسا (١٧٥١ - ٢٣). وقد ولد في ١٧٤٧، ولقب بدوق شارتر في الخامسة من عمره، ثم تزوج في الثانية والعشرين بلويز- ماري دبوربون بنتييفر، التي جعلته ثروتها أغنى رجل في فرنسا (٥٦). وفي ١٧٨٥ ورث لقب دوق أورليان، وبعد ١٧٨٩، وبفضل دفاعه عن القضايا الشعبية، وعرف بفليب إيجالتيه (المساواة). وقد رأيناه يتحدى الملك إلى البرلمان وينفي إلى فيلليه- كوربه. فلما عاد بعد قليل إلى باريس صمم على أن يجعل من نفسه معبود الشعب، مؤملاً أن يختار خلفاً لابن عمه لويس السادس عشر أن اعتزل أو خلع هذا الملك الذي أزعجته الخطوب, فسخا في عطائه للشعب، وأوصى بتأمين أملاك الكنيسة (٥٧)، وفتح للجماهير حديقة البالية- رويال وبعض حجراته في قلب باريس، وكذلك له شمائل الأرستقراطي الجواد وأخلاق سلفه الوصي على العرش. وقامت مربية أبنائه مدام جنليس، همزة وصل بينه وبين ميرابو، وكوندورسيه، ولافاييت، وتاليران، ولافوازييه، وفولني، وسييس، وديمولان. وقد بذل له زملاؤه من الماسون الأحرار التأييد الكبير (٥٨). وقام الروائي شوديرلو دلاكلو، وكان سكرتيره يدور العميل له في تنظيم المظاهرات والانتفاضات الشعبية. وفي الحدائق والمقاهي. وبيوت القمار، والمواخير القريبة من قصره كان كتاب النشرات يتبادلون الأفكار ويضعون الخط، هنا شارك آلاف الناس من جميع الطبقات في اضطرابات لساعة وانفعالاتها، وأصبح الباليه- رويال، بوصفه اسماً على هذا المركب كله، قلب الثورة النابض.