فلما انصرف الملك رحل معظم النبلاء وقلة من الأكليروس. وأعلن المركيز بريزيه، كبير التشريفات، على النواب الذين بقوا أن الملك يريد الجميع أن يبرحوا القاعة. ورد ميرابو رداً مشهوراً:"سيدي … ليس لك هنا مكان ولا صوت ولا حق في الكلام … فإذا كنت قد كلفت بإرغامنا على مبارحة هذه القاعة، فلا بد لك من طلب الأوامر باستعمال القوة، … لأننا لن نبرح أماكننا إلا على أسنة الرماح"(٦٩). وظاهرت هذا التصريح صيحة هتف بها الجميع "هذه إرادة الجمعية" فانسحب بريزيه. وصدرت الأوامر للجند المحليين بإخلاء القاعة، ولكن بعض النبلاء الأحرار أقنعوهم بالا يتخذوا أي إجراء. فلما أنبئ الملك بالموقف قال "تباً لهم، فليمكثوا إذن"(٧٠).
وفي ٢٤ يونيو كتب ينج في يوميته:"أن الغليان في باريس لا يمكن تصوره، فقد كان عشرة آلاف شخص طوال اليوم في الباليه رويال … والاجتماعات المستمرة هناك تتصل وتبلغ من التهور. وسورة الحرية درجة لا تكاد تصده"(٧١). وعجزت السلطات البلدية عن حفظ النظام، لأنها لم تستطع الاعتماد على "الحرس الفرنسيين" المحليين؛ ذلك أن كثيرين من هؤلاء كان لهم أقرباء شرحوا لهم قضية الشعب، وتآخى بعض هؤلاء الجند مع الحشد المحيط بالباليه-رويال؛ وفي فوج في باريس كانت هناك جمعية سرية أقسمت ألا تطيع أوامر مناوئة للجمعية الوطنية. وفي ٢٥ يونيو اجتمع الرجال الذين انتخبوا من قبل نواب الطبقة الثالثة عن باريس، وعدد هؤلاء الرجال ٤٠٧ - وأحلوا أنفسهم محل الحكومة الملكية للعاصمة، فاختاروا مجلساً بلدياً جديداً، وكله تقريباً من الطبقة الوسطى، وترك لهم المجلس القديم مهمة حماية الحياة وأملاك. وفي ذلك اليوم نفسه انتقل سبعة وأربعون نبيلاً يتقدمهم دون أورليان إلى قاعة الملاهي الصغرى. وبدا أن انتصار الجمعية أصبح الآن أكيداً، وأن القوة وحدها هي التي تستطيع زعزعته.
وفي ٢٦ يونيو، بالرغم معارضة نكير، أخبر الأعضاء المحافظون في الوزارة الملك أن الجنود المحليين في فرساي وباريس لا يمكن بعد الآن الركون