وخامرا الجمعية الشك في أن ميرابو مأجور من الملك أو الملكة ليدافع عن الملكية، ولكنها أساساً اتبعت نصيحته. وأحس النواب، الذين كان العنصر السائد فيهم الآن رجالاً من الطبقة الوسطى، أن جماهير الشعب أخذت تصبح عسيرة القياد إلى حد خطر، وأن السبيل الوحيد للحيلولة دون التحلل الشامل للنظام الاجتماعي هو الإبقاء فترة على الهيكل التنفيذي الراهن للدولة.
على انهم لم يشعروا بمثل هذا الانعطاف نحو الملكة. فقد علم أنها شاركت إيجاباً في تأييد الحزب المحافظ في مجلس الملك، وأنها تمارس سلطة سياسية تفوق كفايتها كثيراً. وكانت خلال هذه الأشهر الحرجة قد تجلدت لثكل ربما نال من أي قدرة أوتيتها على الحكم الهادئ المتعقل. ذلك أن ابنها البكر، ولي عهد لويس، كان شديد المعاناة من الكساح واعوجاج العمود الفقري إلى درجة أعجزته عن المشي بغير معونة (٧٤). وفي ٤ يونيو مات. ولم تعد ماري أنطوانيت التي حطمها الحزن والخوف تلك المرأة الفاتنة التي كانت تمرح طوال سني الحكم الأولى. وباتت وجنتاها شاحبتين نحيلتين، وأخذ الشيب يتسلل إلى شعرها، وشاب الحزن بسماتها وهي تذكر أياماً أسعد، ثم أرق مضجعها وعيها بحشود الدهماء تلعن اسمها في باريس وتحمي الجمعية في فرساي وترهبها.
وفي ٨ يوليو وافقت الجمعية إلى اقتراح لميرابو يطلب إلى الملك أن ينقل فرساي جنود الإقليميين الذين جعلوا من حدائق لنوتر معسكراً مسلحاً. ورد لويس بأنه ليس هناك أذى مقصود بالجمعية، ولكن في ١١ يوليو أفصح عن سطوته بإقالته نكير وأمره بمغادرة باريس فوراً. تقول مدام دستال مستحضرة ذلك الحدث "وتقاطرت باريس كلها لتزوره في الساعات الأربع والعشرين التي سمح له بها للاستعداد لرحلته … وأحال الرأي العام عاره انتصاراً"(٧٥). ثم رحل هو وأسرته في هدوء إلى الأراضي المنخفضة. أما الذين أيدوه في الوزارة فأقيلوا معه. وفي ١٢ يوليو، وفي استسلام كامل لدعاة استخدام القوة، عين لويس صديق الملكة، البارون دبروتوي، خلفاً لنكير، وعين دبرولي وزيراً لحربية. وبدا أن الجمعية وثروتها الوليدة مقضي عليهما قضاء مبرماً.