وكان الفلاسفة بشكل عام معتدلين في سياساتهم. لقد قبلوا الملكية ولم يرفضوا عطايا الملك، وولوا وجوههم شطر الحكام المتنورين مثل فريدريك الثاني Frederick II في بروسيا، وجوزيف الثاني Joseph II في النمسا بل وحتى كاترين الثانية Catherine II في روسيا، أكثر مما ولوا وجوههم شطر الجماهير الأمية العاطفية، واعتبر الفلاسفةُ (المفكرون) هؤلاء الحكامَ المتنورين هم مهندسى الإصلاح. ووضع الفلاسفة ثقتهم في العقل رغم إدراكهم قصوره. لقد كسر هؤلاء الفلاسفة (المفكرون عامة) وصاية الكنيسة والدولة ورقابتهما على الفكر وفتحوا ملايين العقول ووسعوا من آفاقها، لقد مهدوا لانتصارات العلم في القرن التاسع عشر، رغم أن لافوازيه Lavoisier ولابلاس Laplace ولامارك Lamarck شهدوا الهياج في أثناء الثورة وما صاحبها من حروب.
أما روسو Rousseau فقد فك ارتباطه بالفلاسفة. لقد كان يحترم العقل، ولكنه احتفى بالمشاعر وبالعقيدة (الإيمان) المريح. وقد طرح كتابه Savoyard Vicar`s Profession of Faith الموقف الديني لروبيسبير Robespierre، وأدى إصراره على توحيد العقيدة الوطنية إلى أن اعتبرت لجنة الأمن العام الهرطقة السياسية جريمة عقوبتها الإعدام - خاصة في زمن الحرب. وقد قبل يَعاقِبةُ الثورةِ مبادئ العقد الاجتماعي التي مؤداها أن الإنسان خير بطبعه وما جعله شريرا سوى تبعيته لمؤسسات فاسدة منحرفة وقوانين جائرة، وأن الناس قد خلقوا أحرارا ولم يستعبدهم سوى الحضارة الزائفة. وعندما كان القادة الثوريون في السلطة تبنوا أفكار روسو Rousseau التي مؤداها أن المواطن بتلقيه حماية الدولة يصبح مطيعا لها ضمنا. وقد كتب مالي دى بان Mallet du Pan: " لقد سمعت مارا Marat في سنة ١٧٨٨ يقرأ العقد الاجتماعي ويعلق عليه في الطرقات العامة وسط تصفيق المستمعين المتحمسين". لقد تحولت سيادة الشعب العليا التي نادى بها روسو إلى سيادة لجنة الأمن العام التي لا معقب عليها بعد الثورة، ثم أصبحت سيادة عليا لرجل واحد.