وكان حال الفلاحين الفرنسيين في سنة ١٧٨٩ أفضل من حال الفلاحين في سائر أنحاء أوروبا، ربما باستثناء فلاحي شمال إيطاليا. وكان نحو ثلث الأراضي الزراعية مملوكا للفلاحين، وكان ثلث آخر تتم زراعته بتأجير الأرض من النبلاء والإكليروس (رجال الدين) وأفراد الطبقة البورجوازية، أو بنظام المزارعة (المشاركة في المحصول، هذا لقاء ملكيته للأرض وذاك لقاء عمله فيها) أما ثلث الأرض الزراعية الباقي فكان يقوم على زراعته أجراء تحت إشراف الملاك أو من ينوب عنهم. وشيئا فشيئا أصبح عدد الملاك محصوراً فلم يكن أمامهم سوى الزراعة أو الرعي، بينما تكاليفهما غدت مرهقة، وأصبحت المنافسة حادة بينهم خاصة مع وجود الأرض العامة (المشاع) Common Land التي كان من حق الفلاحين - سابقا - أن يرعوا فيها وأن يجمعوا منها الحطب.
وكان حائزو الأرض من الفلاحين كلهم ملزمين بدفع رسوم إقطاعية فيما عدا قلة قليلة كانوا يمتلكون أراضي معفاة من أي التزام أو واجب أمام السيد الإقطاعي، إذ كان الفلاحون - خلا هذه القلة الآنف ذكرها - ملزمين بناء على عقد بينهم وبين صاحب العزبة بأن يعملوا لديه عدة أيام كل عام بدون أجر (بنظام السخرة (Corvee) لمساعدته في زراعة أرضه وإصلاح الطرق في عزبته، ومع هذا فقد كانوا يدفعون له رسوم مرور عند استخدامهم هذه الطرق. وكانوا يدفعون له بدلية (رسما في مقابل الإعفاء من أداء خدمات معينة) وكانت قيمة هذه البدلية معتدلة وكانوا يدفعونها كل سنة نقدا أو عينا، وإذا باع الواحد منهم ممتلكاته طالبه السيد الإقطاعي بمبلغ يساوي ١٠% أو ١٥% من الثمن الذي تقاضاه. وكانوا يدفعون له لقاء صيدهم الأسماك من المياه التابعة له، وإذا رعوا أنعامهم في حقله، وكانوا يدفعون له رسما في كل مرة يستخدمون فيه طاحونته أو مخبزه أو معصرته التي تستخدم في استخراج الزيت أو إعداد عصير العنب ليصير نبيذا.
ولأن هذه الرسوم كانت محددة على وفق القانون، فقد أصبحت قيمتها متدنية بسبب التضخم فشعر المالك أن لديه مسوغا في استنزاف هؤلاء الفلاحين بقسوة كلما ارتفعت الأسعار.
وكان على الفلاح أن يدعم الكنيسة التي تبارك محصوله وتهيئ أطفاله للطاعة والإيمان