ونساؤهم يطلين أجسامهن بالأحمر والقرمزي" (١١). وتروى هذه المدَّونات عنهم "أن ليس يقع بينهم سرقة، وقلما يشكو أحد منهم أحداً إلى القضاء" (١٢)، ولم تكد المدنية تبدأ عندهم، وقد صور "لافكاديوهيرن"- مدفوعاً بصدق نظره وبحبه لذلك العصر القديم- صورها فردوساً لا يشوبها استغلال أو فقر؛ ووصف "فنلوزا" طبقة الفلاحين إذ ذاك بأنها مكونة من سادة عسكريين مستقل بعضهم عن البعض (١٣)؛ وجاءت الصناعات اليدوية إلى اليابان من كوريا في القرن الثالث الميلادي، وسرعان ما انتظمتها نقابات (١٤)، ودون هؤلاء الصناع اليدويين، كانت تقع طبقة كبيرة من العبيد، جُمع أفرادها من المسجونين وأسرى الحروب (١٥)، وكان النظام الاجتماعي إقطاعياً إلى حد ما وقبلياً إلى حد ما، فكان بعض الفلاحين يزرعون الأرض عبيداً للسادة أصحاب الأرض، ولكل قبيلة رئيس يكاد يكون ملكاً عليها (١٦)، وكانت الحكومة بدائية في تفككها وضعفها.
كانت العاطفة الدينية عند اليابانيين الأولين تجد ما يشبعها في العقيدة بأن لكل كائن روحاً، وفي الطوطمية، وفي عبادة الأسلاف وعبادة العلاقة الجنسية (١٧)؛ فعندهم أن الأرواح سارية في كل شيء- في كواكب السماء ونجومها، في نباتات الحقل وحشراته، والأشجار والحيوان والإنسان (١٨)، ويعتقدون أن عدداً لا يحصى من الآلهة يحوم فوق الدار وساكنيها ويرقص مع ضوء المصباح ووهجه إذا رقص (١٩)، والاتصال بالآلهة يكون عندهم بإحراق عظام غزال أو قوقعة سلحفاة، وبفحص العلامات والخطوط التي تحدثها النار، فحصاً تستمد فيه المعونة من الخبراء؛ وتذكر لنا المدونات القديمة الصينية أنه بهذه الطريقة "كان اليابانيون يستوثقون من طيب الحظوظ وخبيثها، ومن ملاءمة الظروف لقيامهم برحلات برية وبحرية أو عدم ملاءمتها" (٢٠). كانوا يخافون الموتى ويعبدونهم، لأن غضبهم قد ينزل بالعالم شراً مستطيراً؛ فلكي يسترضوا هؤلاء الموتى، كان لزاماً عليهم أن يضعوا لهم النفائس في