للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحقق مارا مكسبا خطيرا عندما أصدر المؤتمر الوطني - رغم اعتراض الجيرونديين وتحذيرهم - مرسوما بوضع حد أقصى لأسعار الحبوب في كل مرحلة من مراحل انتقالها من المنتج إلى المستهلك وأمر الجهات الحكومية بأن يصادروا من الزراع الإنتاج كله اللازم لمواجهة الاحتياجات.

وفي ٢٩ سبتمبر امتدت هذه الإجراءات لتحديد أسعار البضائع الأساسية كلها، فدخلت تحت سياسة "تحديد سقف أعلى للأسعار" لقد برزت الآن الحرب الداخلية بين المنتج والمستهلك، فثار الفلاحون على مصادرة محاصيلهم وقل الإنتاج للشعور بأن القوانين الجديدة عاقت الدوافع للربح واتسعت السوق السوداء، عارضة بأسعار عالية البضائع للقادر على الدفع، والأسواق التي نفذت قوانين تحديد الأسعار خلت من الحبوب والخبز، ومرة أخرى سارت مظاهرات الجياع خلال شوارع المدينة.

وفزع الجيرنديون إلى ناخبيهم من الطبقة الوسطى في المحافظات لإنقاذهم من استبداد الجماهير، بعد أن امتعضوا بشدة ومراره من الضغط الذي تمارسه الطبقات الدنيا في باريس على المجلس الوطني. وكتب فرجنيو Vergniaud إلى ناخبيه في بوردو في ٤ مايو سنة ١٧٩٣: "إنني أدعوكم إلى منبر الدفاع عن حقوق الشعب لتدافعوا عنا إن كان هناك وقت باق للثأر للحرية، بإبادة الطغاة" وكتب باربارو Barbaroux على النحو نفسه إلى مؤيديه في مرسيليا، وفيها - أي في مرسيليا- كما في ليون تحالفت الأقلية البورجوازية مع النبلاء السابقين لطرد رئيسي البلدية الراديكاليين في كلتيها.

وفي ١٨ مايو حث النواب الجيرونديون المؤتمر الوطني لتعيين لجنة للتفتيش على علميات كومون باريس وأحيائه (أقسام باريس) لكشف المخالفات القانونية. وكان أعضاء هذه اللجنة كلهم من الجيرونديين. وفي ٢٤ مايو أمر المؤتمر الوطني بالقبض على هيبير Hebert وفارلت Varlet باعتبارهما محرضين (مثيرين للفتنة)، وطالب الكومون والستة عشر قسما التابعة له - في الوقت نفسه - بالإفراج عنهما، لكن المؤتمر الوطني رفض. وحرض روبيسبير في نادي اليعاقبة في ٢٦ مايو المواطنين على الثورة:

"عندما تظلم الجماهير، وعندما لا يكون لها ملجأ إلا إلى نفسها، فمن الجبن حقا ألا ندعوها إلى الثورة. فعندما تنتهك