أعقبه في الحكم أبناؤه الضعفاء، وذلك- كما يقول المثل الياباني- لأن "الرجل العظيم لا ذرية له"(٣٨) فأقامت أسرة منافسة وصاية لنفسها على العرش عام ١١٩٩ ويسمى العهد باسم "وصاية هوجو"، ولبثت تلك الأسرة مدى مائة وأربعة وثلاثين عاماً تحكم "الشواجنة" الذين كانوا بدورهم يحكمون الأباطرة؛ فكانت هذه الحكومة الثلاثية فرصة سانحة لقبلاي خان يحاول فيها غزو اليابان؛ فقد وصفها له الكوريون الدُّهاة الذين كانوا يخشون بأسها، فقالوا إنها من الثراء بحيث تستحق المجهود؛ فأمر قبلاي بناة سفنه أن يشيدوا له أسطولاً بلغ من الضخامة حداً جعل شعراء الصين يصورون التلال باكية ترثى ما سُلِبَ من غاباتها (٣٩)؛ ويقول اليابانيون- حين يروون حوادث الماضي رواية الفخور ببطولته- إن النفس بلغت سبعين ألفاً، لكن المؤرخين الذين لا يتأججون بمثل هذه الحاسة الوطنية يكفيهم من العدد ثلاثة آلاف وخمسمائة سفينة ومائة ألف محارب؛ وتبدّى هذا الأسطول الجبار على مبعدة من شواطئ اليابان في أواخر سنة ١٢٩١ فخرج سكان الجزر الأبطال ليلاقوه في أسطول لهم بنوه على عجل؛ وهو أسطول ضئيل بالقياس إلى الأسطول المهاجم؛ لكن حدث لهذه الأرمادا، ما حدث للأرمادا التي كانت أصغر منها، وإن تكن أشهر (١)، وهو أن هبت "ريح عظيمة" لا تزال مذكورة لما أسدته للناس من جميل، هبت فحطمت سفائن "الخان" الجبار، إذ رطمتها على جوانب الصخور، وأغرقت من بحارته سبعين ألفاً، وأبقت على بقيتهم ليعيشوا حياة الرقيق في بلاد اليابان.
ودارت الدوائر على أسرة "هوجو" عام ١٣٣٣، إذ أصابتهم السيطرة هم أيضاً بسمومها، وانتهى الأمر إلى انتقال الحكم الوراثي من أيدي الأبالسة والعباقرة إلى أيدي الجبناء والحمقى؛ وكان آخر هذه السلالة رجل يدعى "تاكا
(١) نقصد الأرماد الأسبانية سنة ١٥٨٨ التي كانت تتألف حين وصلت إلى بحر المانش، من مائة وعشرين سفينة فيها أربعة وعشرون ألف محارب.