"ابن السماء": "لقد اعتزمت أن أطوي الصين كلها تحت سلطاني، بمعونة الجنود الكوريين وبتأييد من نفوذك الساطع؛ فإذا ما تم لي ذلك، ستصبح الأقطار الثلاثة (الصين وكوريا واليابان) قطراً واحداً؛ وسيتم لي ذلك في يسر كأنما أطوي حصيرة لأحملها تحت ذراعي"(٤٤). لكنه حاول جهده بغير جدوى، لأن رجلاً شيطانياً من الكوريين اخترع قارباً حربياً من المعدن- ولولا سبقه في الزمن لقلنا إنه سرق منا الـ "مونتِور" والـ "مِرِماك"- وبهذا القارب راح يحطم سفن "هيديوشي" المثقلة بجنوده؛ سفينة بعد سفينة، وكان "هيديوشي" قد أنفذها بجنده إلى كوريا (١٥٩٢)، لقد أغرقت في يوم واحد اثنان وسبعون مركباً، وانقلب البحر بحراً من دماء، ورست أربع وثمانون سفينة أخرى على الشاطئ حيث فر منها اليابانيون وخلفوها وراءهم، فأحرقها الظافرون حتى لم يذروا منها شيئاً؛ وبعد أن تبادل الفريقان نصراً وهزيمة دون أن يكون فيها ما يفصل بالنصر، أرجأ الفاتحون فتح كوريا والصين حتى القرن العشرين؛ وقال ملك كوريا عن "هيديوشي" إنه حاول "أن يعبر المحيط في صَدفَة من أصداف المحار"(٤٥).
وإلى أن يحين ذلك الحين، استقر "هيديوشي" ليستمتع بهذه "الوصاية" التي أسسها لنفسه، وليدير فيها عجلة الحكم، وجمع لمتعته ثلاثمائة غانية، لكنه وهب مبلغاً كبيراً من المال لزوجته الريفية التي كان قد طلَّقها منذ زمن طويل وبحث عن أحد سادته القدماء؛ وأعاد له المال الذي كان قد سرقه منه أيام أن كان يعمل معه صبياً، وأضاف إلى المال قيمة الربح طوال هذه المدة؛ ولم يجرؤ أن يطلب من الإمبراطور أن يوافق له على تلقيب نفسه بلقب "شوجن"(أي حاكم عسكري) لكن معاصريه عوضوه عن ذلك بلقب آخر أطلقوه عليه، وهو "تايكو" أي "الحاكم العظيم"، وهي كلمة غامرت في رحلة من تلك الرحلات "الأوذيسِّيَّة" التي تتعقب آثارها في علم اللغات، حتى