مالطة، وقبضتها على الهند يمكن إضعافها بالاستيلاء على مصر، ففي مصر حيث العمالة رخيصة يمكن بالفرنكات والتفكير السليم بناء أسطول، ويمكن بالشجاعة والخيال الخصب دفع هذا الأسطول عبر البحر والمحيط ليصل إلى الهند والاستيلاء من النظام الاستعماري البريطاني على أغلى ممتلكاته. وقد اعترف نابليون في سنة ١٨٠٣ لمدام دى ريموسا de Remusat:
" لا أدري ما كان يحدث لي لو لم تواتني الفكرة السعيدة بالذهاب إلى مصر. فعندما غادرت السفن إلى شواطئها لم أكن أعرف سوى أنني قد ودعت فرنسا إلى الأبد، وإن اعتراني قليل من الشك أن فرنسا ستستدعيني. إن سحر فتح بلاد الشرق قد أبعد أفكاري عن أوربا أكثر مما كنت أتصور".
ووافقت حكومة الإدارة على اقتراحاته، وكان أحد أسباب موافقتها هو اعتقادها أنه سيكون أكثر أمانا (لها) أن يكون هو بعيدا عن فرنسا، ووافق أيضا تاليران لأسباب لا تزال محل خلاف، فمشرفة بيته مدام جراند Grand تفسر ذلك بأنه اتخذ هذا الموقف " لمصلحة أصدقائه الإنجليز" بتحويل مسار الجيش الذي يهدد بغزو إنجلترا إلى مصر. وأخرت حكومة الإدارة موافقتها لأن الحملة مكلفة وتتطلب من الرجال والعتاد ما تحتاجه فرنسا لحماية أراضيها من إنجلترا والنمسا وربما أيضا من تركيا التي قد تنظم في حلف جديد ضد فرنسا (وكانت السلطة التركية - العثمانية - على مصر متراخية) لكن التقدم السريع للقوات الفرنسية في إيطاليا - ضم الولايات الباباوية ومملكة نابلي - أدى إلى وصول أسلاب متتالية إلى حكومة الإدارة، وفي أبريل سنة ١٧٩٨ غزا جيش فرنسي آخر - بموافقة نابليون - سويسرا وأقام فيها الجمهورية الهيلفيتية Helvetic وتم جمع "التعويضات" منها، وتم إرسالها إلى باريس. والآن أصبح يمكن الإنفاق على تحقيق حلم الاستيلاء على مصر.
وبدأ نابليون فورا في إصدار أوامر مفصلة لإعداد أسطول فرنسي جديد (استخدم المؤلف عبارة new armada أي أسطول قوي على نمط الأساطيل الإسبانية والبرتغالية في عصورها الزاهرة)، فكان لا بد من تجميع القوات والمواد التالية في طولون Toulon وجنوى وأجاكسيو