إياه السيد الذي يخدمونه، ولم يكن يطلب إليهم أن يعملوا شيئاً إلا أن يموتوا في سبيل وطنهم إذا ما دعت إلى ذلك الظروف؛ وكانوا يحتقرون الحب ويعدونه لعبة رشيقة، ويؤثرون علاقة الصداقة على نمط إغريقي: والميسر والعربدة كانا جزءاً متمماً لعيشهم ولكي يحافظوا على مران سيوفهم، كانوا يدفعون المال للجلاد في مقابل أن يسمح لهم بجز رقاب المحكوم عليهم بالإعدام (٨)، فسيف رجل من فئة "الساموراي" هو بمثابة روحه- على حد تعبير "أيياسو" وكثيراً جداً ما كان يجد الفرصة التي تدعوه إلى استعمال سيفه، على الرغم من المدة الطويلة التي نعمت فيها اليابان بالسلام؛ فله الحق- إذا أخذنا بما يقوله "أيياسو"(٩) - أن يقضي فوراً على أي إنسان من الطبقات الدنيا إذا ما أساء إليه؛ وإذا كان سيفه جديداً وأراد أن يجربه، فيجوز أن يجربه في سائل كما يجوز أن يجربه في كلب (١٠). وفي ذلك يقول "لُنجفورد": "إن سيافاً مشهوراً قد اقتنى سيفاً جديداً، فوقف إلى جانب "ينهون باشي" (وهذا اسم جسر في وسط مدينة ييدو) ينتظر فرصة لاختبار مضاء سيفه، فجاء فلاح بدين ساعياً في الطريق، مرحاً بفعل الخمر، فقابله السياف بضربة يسمونها "ناشي واري" (ومعناها شق الكمثرى) وأصابت الضربة مرادها إذ شقت الرجل نصفين، من قمة رأسه إلى مفرق فخذيه، فمضى الفلاح في طريقه غير عالم بما نزل به، حتى اصطدم بحمال فسقط نصفين مشطورين على أدق صورة"(١١) فما أتفه الفرق بين "الواحد" و "الكثير" هذا الموضوع الذي دوخ الفلاسفة في فهمه.
لكن هؤلاء السيافين كانت لهم لطائف أخرى غير هذه المهمة المرحة التي كانوا يحولون بها الفناء إلى خلود؛ فقد التزموا أوضاعاً صارمة اشترطوها للرجل الشريف- ويطلق على مجموعة هذه الأوضاع اسم "بوشيدو"(١) -