للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأساليب شتى حتى أنه كان قادراً على إيداع مبلغ ثلاثة ملايين فرنك في البنوك الإنجليزية والألمانية. وعندما علم أن حكومة الإدارة ستسقط استقال منها في ٢٠ يوليو سنة ١٧٩٩ وراح ينتظر مطمئناً مترقباً وصول نابليون للحكم ليستدعيه لشغل منصبه من جديد، ولم يطل انتظاره فقد استدعاه القنصل (نابليون) في ٢٢ نوفمبر سنة ١٧٩٩ ليصبح - من جديد - وزيراً للخارجية.

لقد اعتبره نابليون شخصاً ذا قيمة باعتباره حلقة وسطى بين الحاكم (المقصود متولي المنصب) المُحْدَث (أي الذي لم يتول شؤون الحكم من قبل) والملوك المنحلين. لقد ظل تاليران - خلال كل ثوراته وتقلباته - محافظاً على ملابس الارستقراطية القديمة وعاداتها وطريقتها في التفكير وأسلوبها في الحديث: "فقد كان حسن المنظر مقبولاً (رغم قدمه المعوجة) كما كان هادئاً رابط الجأش حاد الذهن لماحاً حتى أنه إذا لزم الأمر استطاع أن يقتل بعبارة ساخرة. وكان دائب العمل ودبلوماسياً داهية قادراً على إعادة صياغة تصريحات سيده (نابليون) الطائشة الفظة ليغلفها بغلاف ودي أنيق. وكان مبدأه لا تتعجل في اتخاذ القرار - وهو شعار طيب يتناسب مع رجل أعرج، وفي حالات مختلفة أدى تأخره في إرسال بريد الدولة إلى تراجع نابليون عن قرارات غير صائبة".

لقد أراد - مهما كان العلم الذي يرفرف فوقه - أن يعيش مبذراً في بحبوحة دائمة، مغتنماً فرص المسرات بتروٍ، جامعاً ثمار أي شجرة يلقاها. وعندما سأله القنصل (نابليون): "كيف تمكن من جمع هذه الثروة الضخمة؟ " أجابه مبتسماً ودون مواربة: "لقد اشتريت بضائع في السّابع عشر من شهر برومير Brumaire (الجمهوري) وبعتها بعد ذلك بثلاثة أيام ". ولم يكن ما قاله لنابليون سوى البداية، ففي غضون أربعة عشر شهراً من استعادته لمنصبه كوزير للخارجية أضاف لحساباته البنكية خمسة عشر مليون فرنك أخرى. لقد كان يلعب في السوق بناء على معلومات يحصل عليها من داخل الحكومة، كما أنه تلقى عمولات tidbits من القوى الأجنبية التي بالغت في تقدير تأثيره على سياسات نابليون. وفي نهاية فترة القنصلية قُدرت ثروته بأربعين مليون فرنك. وكان رأي نابليون فيه: "أنه شخص مقزز وليس هناك من يحل محله (لا يمكن الاستغناء عنه) ". لقد وصفه مستوحياً