أما وقد دعاني الله وأصوات مجلس الشيوخ والشعب والجيش لأتبوأ عرش فرنسا فقد تأكَّد لي شعوري بالرغبة في السلام.
إن فرنسا وإنجلترا تُهدران ثرواتهما. ربما ناضلا طوال قرون، لكن هل أدّت حكوماتهما - بشكل صحيح - واجباتهما الأكثر قداسة لكفِّ هذه الدماء الغزيرة التي أُريقت عبثاً بغير هدف محدد؟ إنني لا أجد حرجاً في أن آخذ بزمام المبادأة في هذا الأمر (طلب السلام) ولديَّ فيما أظن براهين كافية .. فأنا لا أخاف الحرب إذا حَلَّت .. لكن السَّلام هو رغبتي الكامنة في قلبي ولم تكن أبداً بعيدة عن شهرتي. إنني أُناشد جلالتكم ألاَّ تحرموا أنفسكم من السعادة بإقرار السلام في العالم .. ولن تكون هناك فرصة أفضل لكبح الغضب والاستماع لصوت الإنسانية والعقل، فإذا ضاعت هذه الفرصة فأي أجل يمكن أن يُحدَّد لحرب قد لا أستطيع وقفها بكل مساعِيَّ؟ ..
ماذا تأمل أن تكسب من الحرب؟ تكوين ائتلاف من بعض القوى في القارة (الأوروبية)؟ انتزاع مستعمرات من فرنسا؟ إن المستعمرات هدف لفرنسا، لكنه هدف ثانوي ثم ألا تحتفظ جلالتكم بالفعل بمستعمرات أكثر مما تستطيع الاحتفاظ به؟
إنَّ العالم رحب واسع بدرجة تكفي لتعيش أمَّتانا فيه. وقوة العقل كافية لتمكيننا من تجاوز كل الصّعاب إذا توفرت الإرادة من الجانبين. وعلى أية حال فقد قُمت بواجبي لما أعتقد فيه الصلاح وما هو قريب إلى قلبي. إنني واثق من أن جلالتكم ستُصَدِّقون إخلاص مشاعري التي عبّرتُ عنها وعن توقي الشديد لتقديم ما يُثبتها لكم.
نابليون
ولا ندري ما هي التأكيدات الخاصة لنوايا السلام والتي ربما تم إرفاقها بهذا الاقتراح. وعلى أية حال فإن ذلك لم يُثْنِ انجلترا عن إقامة أمنها على مبدأ توازن القوى في القارة، والحفاظ على هذا المبدأ بتشجيع الضعيف ضد القوى. بل إن جورج الثالث لم يقبل مخاطبة نابليون له بكلمة أخي فلم يُرسل له رداً، لكن في ١٤ يناير سنة ١٨٠٥ أرسل وزير الخارجية اللورد ملجريف Mulgrave إلى تاليران خطابا ذكر له فيه بَشكْل ودي شروط